دعاء علي
في ظلِّ الحصار الذي نعيشه يطل علينا من الداخل من يحصرنا بالوقت أيضا ليزيد الطين بلة! قصدت بذلك التعميم الصادر عن “المجلس المحلي” بتأخير الساعة ستين دقيقة.
ويذكرني هذا التعميم بقرارات سابقة تمَّ اتخاذها على الورق فقط، مثل توحيد سعر الأمبير “الله يذكره بالخير”، إلغاء التعامل بالنقد السوري… وهلم جرا.
نرجو من المعنيين أن يولوا اهتمامهم بغير ” اللعب بالساعة “! فهناك مشكلات أكثر إلحاحا من هذا الأمر، مثل توقف بعض المولدات الكهربائية عن العمل بسبب نفاد مادة المحروقات، أو لارتفاع سعر الأمبير إلى حدٍّ يفوق قدرة غالبية المواطنين.
وأظنُّ أنَّ تأخير الساعة الذي كان يتم سابقا في بداية شهر تشرين الثاني من كل عام، ليس له أي علاقة جوهرية بالسياسة، بل يرتبط بمعطيات فلكية-جغرافية، فما الذي استجد، وما الحكمة من الإبكار بالتوقيت الشتوي؟! هل من إجابة أم أنَّ ذلك أمراً واجب التنفيذ فور التبليغ؟!
هل من دراسة تمت للموضوع؟ أفيدونا مما أفادكم الله، وكلي أمل أن يكون هذا الإجراء قد تمَّ بقصد نبيل، ولو كان هدفه إلهاء المواطن المحاصر عن فجيعة حاله، لكنه برأيي لن يساعد أيضا لأنَّه أضاف إلى حلكة ليله ساعة سيحصل فيها على متعة أطول برفقة قصفه الليلي.
ألا يكفيه من الهموم ما ألم به من مشقة في تدبر أموره من إنارة لياليه الثقيلة إلى فقدان السلع الغذائية وخيالية أسعارها في حال توفر بعضها؟ فلا شموع ولا محروقات … والقائمة تطول.
رجائي أن نعمل على تجاوز عقلية “النظام” الإدارية بتجنب سياسات “التجريب” في اتخاذ القرارات المتعلقة بالشأن العام؛ كي لا نصل لسياسة “التجريم” في حال تمَّ الاعتراض عليها، ولا يكون ذلك إلا بعد إخضاع الموضوع المراد إقراره لدراسة معمقة والتفكير مليا بكيفية استقبال الناس له، لأنَّ الناس لا تتقبل الجديد بسهولة إلا في حال وجدت فيه المصلحة، وإلا ستواجه القرارات المعلنة بعدم اكتراث من قبل الجميع، فتكون إيذانا بالفشل الذريع ليس للجهة التي أصدرها فقط بل لعموم الهيئة التي تمثلها تلك الجهة.
فهل تمَّ تأخير الساعة لمجرد الاختلاف عن توقيت “النظام” كخطوة نحو تحررنا من سطوة حصاره لنا؟!
أتوجه هنا لأصحاب المسؤوليات والمناصب بنصيحة، يفترض أن نتمايز عن “النظام” بأن تكون قراراتنا ناضجة وبأفضلية مبينة للعموم، وألا تبدو في نظر مواطنينا مجرد حركة مكشوفة “نكاية سياسية” بغاية التناقض فقط ولا شيء سواه!