تجارة الخفاش

عش الخفاش

محمود زكريا دعيمس|

يعدُّ عشُّ الخفاش من أحد التجارات الرابحة لسعره المرتفع جداً حاله حال التنقيب عن الآثار، وهو قطعة غنية ومطلوبة لدى المراكز الصحية في دول الغرب لأسباب عديدة أهمها أن للخفاش إنزيماً يساعده على سحب دماء فريسته بحرية قد يساعد مرضى الجلطات على البقاء على قيد الحياة، وأن ذلك يعدُّ أكثر أمانًا من العلاج الوحيد المسموح به حاليًّا.

ومن المتداول أن عشَّ الخفاش يستخدم للسحر والشعوذة وقد يطلبه منك أحد المشعوذين لقضاء حاجتك وخصوصًا إذا كان الأمر يتعلق بالنساء نظرًا لوجود دم الحائض لأنثى الخفاش داخل العش وهذا أحد أهم أسباب غلائه الفاحش وطلبه المتزايد في السوق الغربية أو العربية وعند الناس التي تؤمن في هذا الكلام.

ويتداول بين المهتمين بالخفاش أن العش يحتوي على مادة الزئبق الأحمر ذات الصيت والسعر الذي يفوق الخيال.

أما البحث عن عشه فهو ظاهرة تجتاح الشمال المحرر بعد أن كانت هذه الظاهرة غير موجودة أصلاً في سورية لا قبل الثورة ولا بعدها مع أنها كانت مشهورة ومنتشرة في دول العالم أجمع وأهمها دولة المغرب التي يعدُّ العثور فيها على عش الخفاش أمرًا سهلاً جدًا لكثرة المغارات التي تحتوي على أعداد كبيرة من الأعشاش.

بدأ بعمل البحث عن عش الخفاش أحد الشباب السوريين العائدين من تركيا بعد سماعه عن هذه المعلومة وعن سعر عش الخفاش المرتفع، وبعد بحثه في أحد المغارات في منطقته عثر على أحد أعشاش الخفاش التي كان ذكْرها أو البحث عنها أمرًا يستوجب الاستهزاء من الباحث،  وقد دفع أحد التجار له مبلغًا من المال يقدر بمئة ألف دولار ثمن هذا العش، وكانت هنا نقطة البداية والعلامة الفارقة لهذا العمل في الشمال السوري، حيث بدأ الكثير من الشباب بالخروج الى الغابات والمناطق الأثرية التي تكثر فيها المغاور والكهوف التي عُثر فيها على الكثير من الأعشاش، وباتت مواقع التواصل تعجُّ بالكثير من الراغبين بالشراء والراغبين بالبيع مع اختلاف السعر من تاجر إلى آخر ومن بائع إلى آخر، حيث وصل الأمر بأن عرض أحد التجار مبلغ 150 الف دولار مقابل العش الواحد مع أن سعره في دول الخارج أكثر من ذلك بكثير، مثل السعودية التي عَرض فيها أحد التجار مبلغ 100مليون ريال مقابل العش الواحد.

هذا الموضوع بدأ يأخذ صدى بين من يكذب هذا الكلام ويعتبره خرافة واستهزاء بالناس الفقيرة التي لا تملك ثمن الطعام وبين معجب به، ما شكل لبعض الشباب دافعًا كبيرًا للبحث عن الأعشاش، ورغم كثرة العثور على عش الخفاش في الشمال السوري وكثرة التجار اللذين يريدون الشراء إلا أنه حتى اليوم لم تسجل إلا حالات قليلة جدًا لبيعه في سورية.

إن عش الخفاش أيضًا لم يسلم من الغش والتزوير، إذ بات من أحد الصناعات المعروفة والمتداولة بين التجار في منطقة المغرب العربي والأردن، وبات يباع بأسعار منخفضة ومعقولة لأنه مزور، وإن الصانع لم يتكلف عليه سوى مبالغ ضئيلة جدًا، وتخفيضه للسعر يزيد من رفع نسبة المبيعات وتحقيق مكاسب خيالية من هذا العمل.