يا لها من مفردة سهلة التداول! مرَّت علينا ثمانية آلاف مرة خلال ساعة واحدة، رددها السياف بكل برود أمامنا، وصار يعيد بجانب كل اسم طريقة موته البائسة، يتلذذ بوحشيته المفرطة في عالم يصفق له بإعجاب، سحلاً، جلداً، سلخاً، بالزيت المغلي، طعناً بالسكاكين، تحطيماً بالصخور، بالمثقب الكهربائي، بمنشار صدئ، اغتصاباً، غرقاً، حرقاً بنار هادئة، ركلاً بالأقدام، على كرسي الموت، صعقاً، صمتا من أفواه الذين اعتادوا الذل ورثاء الضحايا. لقد ماتوا بنوبة قلبية وجلطات دماغية مفاجئة، إن أجسادهم الضعيفة جداً لم تتحمل كل ذلك العذاب، إن الجلادين المئة الذين تناوبوا على تعذيب هؤلاء الموتى، قد أرهقوا تماماً وهم بريئون من جرم قتلهم، هكذا ختم السياف تقريره للعالم، وبدأت حملة رثائنا.
أي عالم مليء بالخساسة والقذارة والأجرام علينا أن نفاوض في سبيل حريتنا، أي ذل علينا أن نرضى به في هذا الطريق، أو أي مواجهة علينا اختيارها، ونحن نحارب أجيالاً من القتلة توازعتهم حكومات بلدان العالم وأممه المتحدة.
إننا نعلم أن الموت لم يشفِ صدور الطغاة بعد، وإن ثمانية آلاف روح ملأت هواء هذا العالم بثمانية آلاف صرخة حق مدوية، وإن مئات الآلاف مازالت حبيسة تقارير لم تعلن بعد، ومثلهم ينتظرون دورهم على التقارير في زنازين التعذيب، لا يعبأ أحدٌ بما يلاقونه من أصناف الوحشية المفرطة.
إنهم نحن الصامتون عمّا قريب، فلا يزال المجرم يضغط على الزناد حتى تصبه رصاصة الحق، وإن حرباً لا تنتهي بأخذ أرواح الطغاة المجرمين، هي حرب لم تبدأ بعد.
إننا نخبئ الثأر، ونحتفظ بالحقد، وسنورث السيف لكل أجيالنا التي تنشقت نسيم حريتها، فأصبح الموت لديها هيناً في سبيل الله والوطن والحرية. لا يثنيها عن هذا الطريق سوى أن تبصر النور كاملاً، وأن تسترد العدالة كاملة.
المدير العام | أحمد وديع العبسي