يبيع معظم المستفيدين من سلات المعونة الشهرية في أغلب الأحيان مواد الأرز والحمص والبرغل والعدس الأسود والسردين، ويبيعون جزءًا من زيت القلي والعدس الأحمر! لكن لماذا يقومون بذلك؟ وماهي المواد الجيدة والسيئة ضمن السلة؟ ومن هو المسؤول عن رداءة بعض المواد التي كان من بينها الفاسد؟
صحيفة حبر الأسبوعية أجرت تحقيقًا صحفيًّا حول سلة الإغاثة التي توزّع في إدلب وما تحتويه من مواد، وبدأت بسؤال بعض المستفيدين عن رأيهم بمحتويات السلة الشهرية المقدمة من منظمة بنفسج، وكانت اللقاءات التالية:
(أحمد غنوم) من إدلب: “أكلت السردين الموجود في سلة المعونة مرة وأصبحت أعاني من ألم في معدتي؛ لأن نوعه رديء وعلبته تباع بسعر 25 ل.س أي ما يعادل 5.5 سنت، وفي أغلب الأحيان لا يشتريها تجار المعونة، والأرز نوعه رديء جدًا في حال طبخه لا تستطيع أكله في اليوم الثاني لأنه يصبح قاسيًا كالبلاستيك، أما الحمص الحب إذا أردت طبخه فإنك سوف تفرغ عليه ربع جرة الغاز حتى ينضج”.
ويقول (أبو محمود) من إدلب: “ما أستفيده من سلة المعونة هو السمنة والسكر وزيت الزيتون والتونة والملح ودبس البندورة، والعدس الأحمر أحياناً، أما باقي المواد لا أستفيد منها وأضطر لبيعها، كالأرز، والبرغل، والحمص، والعدس الأسود أيضاً، لأنها أنواع غير جيدة”.
فيما تساءل آخرون لماذا لا يعطوننا موادًا جيدة نأكلها بدل أن نبيعها للتجار الانتهازيين؟!
يقول أحد تجار المعونة: “الناس تبيع بعض أنواع المعونة لكي تشتري موادًا أخرى هم بحاجة إليها، وهناك من يبدلها ويدفع الفرق نقودًا، أنا لا أعرف إن كان هذا حلال أم حرام. حاليًّا نشتري سلة المعونة كاملة بمبلغ 4800 لأن السلة دخلت عليها التونة بدل السردين وهنا الفرق؛ لأن علبة التونة نشتريها بسعر 25 ل.س ونشتري الأرز بـ85 ل.س، والبرغل بـ 120 ل.س، والحمص بـ 240 ل.س، أما بالنسبة إلى المواد التي فيها دود فنشتريها بسعر 50 ل.س وتذهب للتبخير ثم الطحن لعمل العلف.”
قمنا بزيارة (مالك الزير) مدير مكتب إداري في منظمة بنفسج لسؤاله عن إمكانية تبديل بعض أنواع محتويات سلة المعونة فأفادنا بقوله: “نحن في بنفسج شركاء مع منظمة (جول) في مشروع توزيع السلات الغذائية، وهي تسلمنا السلة مغلقة كما هي عن طريق المعابر التركية، ثم ندخلها إلى إدلب ونقوم بتوزيعها على المستحقين بالتعاون مع مديرية الإغاثة.”
هل تشترط منظمة جول أي شروط عليكم قبل تسليمها لكم؟
“منظمة جول لا تضع أي شروط على تسليم السلات، وتعطينا كمية قد تصل إلى 48 ألف سلة شهريًّا، توزع داخل مدينة إدلب فقط.”
من المسؤول عن فساد بعض أنواع المعونة كالتي ظهرت في توزيعة الشهر الثامن؟
كان هناك بعض المواد الفاسدة لمرة أو مرتين في السلة كمادة الحمص، وقد أخبرنا منظمة جول بهذا الأمر وقالوا لنا: اسحبوا الحمص واتلفوه قبل التوزيع، أما الكمية التي وُزعت وفيها مادة فاسدة فكميتها قليلة نسبيًّا.”
لماذا لا تبدلون بعض أنواع المواد داخل سلة المعونة بمواد أكثر إفادة للمستحقين؟
“نحن لا نستطيع تبديل المواد في سلة بنفسج؛ لأنها تأتينا معلبة وجاهزة، لكن أحيانًا تأتي بعض المشاريع السريعة للإغاثة كتجهيز سلات من الداخل، فنقوم بجمع موادها من الأسواق المحلية، لكن هذه السلات عددها قليل نسبيًّا وتكون موادها على شكل معلبات مطبوخة وجاهزة للطعام كالتي توزع في رمضان، فلا يوجد فيها أرز وحمص وعدس، إنما تحتوي على معلبات مثل الطحينة والمرتديلا والمربى والحلاوة وعلب الفول والحمص المسلوق.”
ما هو سبب تبديل بعض محتويات سلة المعونة مؤخراً؟
“من خلال تواصلنا مع منظمة جول ومطالبتنا كان هناك قليل من التغيير نتيجة تقييم الجهات الداعمة لهم بتبديل بعض الأنواع، وقد أصبح هناك رقم شكاوى لمنظمة جول مطبوعة على كرتونة الإغاثة.
منذ فترة كانت السلة تحتوي على طحين ومعكرونة ولم يكن فيها سمنة أو سكر أو زيت زيتون، لكن اليوم أصبحت مكونات السلة أفضل بكثير من قبل.”
وقد قمنا أيضًا بزيارة (معتز حفسرجاوي) مسؤول المراقبة والتقييم في مديرية الإغاثة في مدينة إدلب ونائب المدير العام، للاستفسار حول دورها، فأجابنا:
“مديرية الإغاثة العامة في إدلب جهة إدارة ورقابة ومشرفة على كافة توزيعات الإغاثة وعلى كافة الملفات التي تعمل عليها المنظمات داخل المدينة.
منذ بداية السنة كانت منظمة بنفسج توزع سلة تحتوي على كيس طحين وحمص وعدس وزيت نباتي ولم يكن فيها سكر وسمنة وزيت زيتون، لكن بعد قدوم بعض منظمات الرقابة التي جمعت آراء الناس عن نوع مواد المعونة تغيرت بعض الأنواع وأدخلت إلى السلة مواد أخرى كالسكر وزيت الزيتون والسمنة.
لكن بعد ثلاثة أشهر انخفضت جودة المواد وساءت نوعيتها، وعند مراجعتنا للمسؤولين عن هذا الأمر في منظمة جول كان المبرر عندهم أن منظمة جول غيرت المورِّد، وبعد رفع تقارير عن انخفاض جودة المواد للجهات المعنية تحسنت قليلاً جودة المواد بشكل نسبي، لكن ما زلنا نعمل مع المسؤولين لتبديل بعض المواد للأفضل، السلة القديمة كان سعرها 7000 ل.س لكن اليوم أصبح سعرها 3000 ل.س.”
لماذا لا يوجد مكتب لمنظمة جول داخل إدلب؟
منظمة جول لا تدخل إلى مدينة إدلب، وهي بحاجة إلى طرف منفذ لتوزيع السلات، وبنفسج هي المنفذ على الأرض، وعندها 6 معايير تفرضها على المستفيد.”
من المسؤول عن فساد بعض مواد سلة المعونة مؤخراً؟
“قد يكون من سوء التخزين، وقد يكون من المورِّد نفسه؛ لأن منظمة بنفسج توزع السلة كما تأتيها، وقد قاموا بإزالة المواد الفاسدة منها في التوزيعة الأخيرة.”
هل تأتيكم شكاوى على رداءة أنواع معينة من مواد سلة المعونة الشهرية؟
“نعم تأتينا، وقد رفعنا تقارير عن رداءة نوع السردين والأرز، وهناك لجان تقييم تقوم بعملها بشكل دوري، وهناك رقم للشكاوى مكتوب على علبة المعونة، لكن المشروع الذي يصرف لتقديم سلات المعونة يأتي كل رأس سنة لأنه يقدم كمنحة وعلى أساسها تجدد نوعية المواد.”
لماذا لا توزع في إدلب بطاقات ذات قيمة نقدية يشتري بها المستفيد ما يحتاجه من محلات معينة كما يحدث في تركيا على سبيل المثال؟
“هذه الطريقة أفضل، وهي مفعَّلة في بعض المناطق في الريف مثل منطقة ملس وكفر تخاريم، والقسيمة قيمتها النقدية 40 ألف ل.س.
للأسف منظمة بنفسج لا تكفي إلا جزءًا من الناس الموجودين في مدينة إدلب بنسبة %20 رغم الاكتظاظ السكاني الكبير في المدينة، ولا يوجد هنالك منظمات أخرى لكي تغطي حاجة الناس.”
وقد قمنا أيضاً بالتواصل مع مسؤول الشكاوى في منظمة جول للسؤال عن سبب رداءة بعض أنواع المعونة وإمكانية تبديلها وسبب فساد بعض الأنواع، لكن للأسف لم يتم الرد بحجة انتظار الموافقة لإعطاء تصاريح حول الموضوع!
هناك بعض أنواع المعونة لا تستهلك إلا بنسبة قليلة جدًا بسبب رداءة النوعية أو كميتها الكبيرة نسبيًّا، وهذه مشكلة يجب حلها لكي ترتفع نسبة الفائدة من السلة ولا يضطر المستفيد إلى بيعها بسعر بخس أو تبديلها والوقوع في الربا في بعض الأحيان.
لكن لماذا لا تكون السلة عبارة عن قسائم تصرف من خلال بعض المراكز الغذائية مثل التي توزع في بعض مناطق ريف إدلب أو كالتي في تركيا؟! أو لماذا لا توزع المعونة كمبالغ نقدية لكي تكون الفائدة من قيمتها %100؟!