الطفولة أكثر مرحلة تحدد مسار الحياة لكل أمة، فكلما كان غذاء التعليم أفضل عاش الأطفال بشكل طبيعي وتطورت عقولهم، إلا أنه دوماً هناك مخاطر تحف حياة الأطفال وتؤثر سلباً على نضوج عقولهم كالتدخين المبكر وتعاطي الخمور.
لذلك انتهجت جميع دول العالم سنَّ قوانين صارمة تمنع بيع الدخان بشتى أنواعه والخمور لكل من هم دون سن الثامنة عشرة لتضمن حقوقهم ومنها سورية، ففي عام 2009 أصدرت الحكومة السورية حزمة قوانين وعقوبات لتحدَّ من انتشار التدخين في الأماكن العامة وحظر بيعها للأطفال والقصر بشكل خاص.
ولكن مع تدهور الوضع السوري منذ بداية 2011 وانشغال الدولة باعتقال المعارضين لها أغفلت الكثير من القوانين وانتشرت الفوضى وبات كل شيء تقريباً مباحًا طالما لا يمسُّ بالسيادة الوطنية.
الطفل السوري لم يعد في خطر الحرب فقط والتلوث البيئي ونقص الغذاء بل انتقل إلى أبعد من ذلك بتلوث الفكر وغياب الوعي.
ففي صور تناقلتها صفحات النظام خلال أيام عيد الأضحى بسخرية، ظهرت مجموعات عديدة لأطفال لم يتجاوزوا سن الخامسة عشر يرتادون المقاهي والبارات والحدائق العامة في كل من العاصمة دمشق ومدينة حلب وطرطوس يدخنون النراجيل ويشربون الكحول.
بنات وصبيان كأنهم في موعد، وآخرون يجلسون في بار تظهر فيه كأس البيرة وعليهم مظهر الثقة بالنفس كأنهم كبروا قبل وقتهم بعشر سنين.
المثير هو تعليقات رواد المواقع الاجتماعية التي أظهرت سخرية منهم بوصفهم كتاكيت وعصافير حب، بينما رأى آخرون أن السبب هم الأهل أولاً وأصحاب المقاهي ثانياً دونما ذكر أي دور لرقابة وزارات الدولة ودورها في تطبيق عقوبات بحق كل من يقدم تسهيلات للأطفال لينتشوا بنفس نرجيلة في أيام العيد ترويحاً عن النفس، فبينما تتباهى الكثير من الدول بإنجازات الأطفال في شتى المجالات بات الأهالي يتباهون بأولادهم بالتدخين إشارة لنضجهم أو تعبيراً عن أجواء العيد في سورية من خلال إرسال ونشر صور الأطفال المدخنين إلى ذويهم في بلاد الغربة دونما تفكير بالتأثير السلبي من انتقاد أطفالهم محلياً وعالمياً.
لقد آن الأوان لمن يتشدقون بحماية الأطفال من الاستغلال وإبعادهم عن الانحراف بدق ناقوس الخطر ونشر حملات توعية تنبه الطفل قبل الأهل بخطورة ممارسة التدخين بشكل عام وتدخين الأطفال خاصة على مستقبلهم، فكل الدراسات العالمية توكد أن الأطفال المدخنين أكثر عرضة لدخول عالم الجريمة بسبب تأثير الدخان على نمو العقل قبل أن تتكرر التجربة الإيرانية في سورية بتغييب عقول الشعب بالدخان والكحول والمخدرات.
وعليه نطالب المنظمات المحلية والعالمية بالتدخل لحماية أطفال سورية من طيش الحكومة السورية قبل فوات الأوان وضياع جيل كامل، فليس ذنبهم إلا أنهم بلا رقيب في ظل فساد ممنهج ومقصود من قِبل حكومة النظام السوري.