محمد حمروش |
تراجعت تربية النحل في سورية بعد الحرب إلى حدٍّ بعيد فبعدما كان إنتاج سورية قبل الحرب يبلغ 3000 طن، انحسر إلى 600 طن نهاية العام 2019، بحسب وزارة الزراعة، وهو لا يكفي للاستهلاك المحلي الذي يبلغ نحو 1500 طن بعد أن كان يصدر نصفه في السابق، وقال المهندس الزراعي (مهند لوكي): ” إن نسبة التراجع والخسارة بلغت 80% وأنه لا يوجد أي مجال للمقارنة لما كان عليه الحال قبل الحرب.”
صحيفة حبر التقت البيطري (عبد الحكيم توفيق) للوقوف على أسباب هذا التراجع التي عزاها إلى انقطاع الطرقات أمام المربين الذين كانوا ينقلون النحل إلى مناطق الساحل في الشتاء حيث الحرارة المعتدلة والمرعى الوفير (أزهار البرتقال والليمون)، ثم إلى المناطق الجبلية حيث أزهار اللوزيات نهاية الشتاء، وإلى الداخل لتعتمد على أزهار الكزبرة واليانسون والشمرة في الربيع، لينتهي المطاف بها على ضفاف الفرات شرق البلاد حيث زهر القطن وعباد الشمس.
وأضاف توفيق: “انعدام الأمان جعل خلايا النحل عرضة للسرقة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المحروقات وتكاليف النقل الباهظة، وارتفاع أسعار مستلزمات النحل (كالبدلة، والمنفاخ، والشمع، والخلايا، والأدوية) التي يشتريها المربون بالدولار، وانخفاض أسعار العسل، حيث يبلغ سعر الكيلو غرام الواحد 7 آلاف ليرة سورية، فضلاً عن ضعف إنتاج العسل لعدم القدرة على الوصول إلى المراعي في جميع الفصول وبالتالي ضعف النحل وانحسار الإنتاج، وأيضاً غش العسل من قبل بعض ضعاف النفوس، وعدم توفر طرق للتصدير، وضعف القدرة الشرائية لدى المستهلك، كل ذلك أسباب أدت إلى انخفاض أسعار العسل، وهو أمر يهدد تربية النحل لعدم قدرة النحالة على الاستمرار والحفاظ على مناحلهم.”
وقد حذر (توفيق) من انقراض هذا القطاع المهم وطالب الجهات المعنية بحمايته من خلال دعم النحَّالة بالمعدات والأدوية وتقديم الإرشادات والنصائح وكل ما من شأنه إنقاذ هذه الثروة المهمة.
وثمة أمراض تصيب النحل، وهي بدورها ساهمت بضعف الإنتاج، حيث انتشرت في الفترة الأخيرة بشكل كبير بحسب السيد (محمد جمعة) مربي نحل من بلدة (زردنا) شمال إدلب، حيث حدثنا عن أمراض عدة منها: “فاروا النحل أو (قراد النحل)، ومرض النوزيما، والتعفن الحضني الأوروبي، وقمل النحل.” وأضاف: “هذه الأمراض تنتشر إثر إحجام المربين عن العلاج بسبب الغش الذي يطال معظم الأدوية التي تدخل عن طريق التهريب ولا تخضع للرقابة من قبل الجهات المعنية.”
وتحدث (جمعة) عن أنواع النحل التي تبلغ نحو 1500 نوع منها البلدي (السوري)، والمصري، والأوروبي (الهجين) الذي يتفرع عنه أنواع أشهرها (كارنيسكا، واللوكوستيكيا، وبيك فاست، والنحل الأرجنتيني) وأضاف أن “الأصناف الأجنبية تتميز عن النحل البلدي بالهدوء والإنتاج العالي للعسل، لذلك يفضل المربون هذا السلالات المهجنة على الأنواع المحلية.”
وكما للنحل أنواع، كذلك للعسل أصناف تختلف باختلاف المراعي التي يعتمد عليها النحل أثناء جمع الرحيق في الشمال المحرر، فهناك عسل اليانسون، وحبة البركة، والجيجان، والشوكيات، والسدر، ولا تقتصر الفائدة في تربية النحل على إنتاج العسل فحسب، بل هناك أيضًا إنتاج الملكات المهجنة، وإنتاج غبار الطلع، وحبوب اللقاح، والغذاء الملكي غالي الثمن الذي يبلغ سعر الغرام الواحد منه 500 ليرة سورية، بالإضافة إلى بيع الطرود (الشلوح) وبيع عكبر النحل، الذي يُعدُّ مضادًا حيويًا طبيعيًا وفعالًا، ويستخدم لعلاج عدة أمراض أبرزها قرحة المعدة.
وختم السيد (محمد) حديثه عن فوائد العسل، ومنها احتواؤه على كميات كبيرة من الفيتامينات والسكريات كالسكروز واللاكتوز التي يقوم الجسم بتفكيكها وامتصاصها لتقوي جهاز المناعة لدى الإنسان ضد الأمراض التي يتعرض لها كالسرطانات وأمراض جهاز الهضم، إضافة إلى استخدامه لترميم الجلد بعد الجروح والحروق.