غسان الجمعة |
تستمر ميليشيات الأسد مدعومة بمرتزقة الاحتلالين الروسي والإيراني بالتقدم في أرياف حلب وإدلب، مع تدليس روسي إعلامي ودبلوماسي حول تنفيذ اتفاقية سوتشي، تلك المظلة التي سرعان ما انقلبت عليها روسيا وفسرتها لصالح حليفها الأسد بحملة دموية أسفرت عن آلاف النازحين ومئات القتلى المدنيين.
تركيا الحلقة الأضعف في اتفاق الضامنين وجدت نفسها أمام خديعة وسراب سياسي كسبت فيه موسكو وأتباعها الوقت لا أكثر، لجأت إلى الزج بثقلها العسكري في مسرح إدلب لإنقاذ مواقعها ومواقفها أمام الرأي العام التركي والساحة الدولية، إذ بات وضعها أشبه بالفضيحة لدرجة وصلت إلى تمكن بقايا عصابات ميلشياوية من حصار معظم نقاط مراقبتها وهي العضو ذي الثقل البري في حلف الناتو.
المهلة التركية التي تحدث عنها الرئيس أردوغان لنهاية شهر شباط \ فبراير تسبقها الآن حملات تراشق إعلامية وسياسية بين أنقرة وموسكو في رغبة واضحة بين الطرفين لعدم الصدام، غير أن تعنت نظام الأسد برضًا روسي إيراني باستهداف المدنيين والسيطرة على منازلهم ومقدراتهم يقابله تصلب تركي بالتمسك بالحدود الأولى لنقاط المراقبة والحفاظ على مناطق آمنة للسوريين الفارين من بطش عصابات الأسد، الأمر الذي قد يفرض على الطرفين معركة لا مفر منها بدأت تركيا تأخذها بالحسبان بداية مع الولايات المتحدة أكبر حلفائها عبر مبعوثها (جيمس جيفري).
الولايات المتحدة،وقبل الدخول في دورها الذي من الممكن أن تلعبه على طاولة إدلب مع تركيا، تنظر إلى إدلب بمنظورها الخاص من ناحيتين: الأولى مخاوف أمريكية من تمكن الأسد من السيطرة على منطقة خفض التصعيد الأخيرة، والتركيز فيما بعد على جبهة شرق الفرات والبدء بدعم إيراني وتماهٍ روسي بضرب المصالح الأمريكية أبسطها على غرار ما حدث الأسبوع الماضي من مجموعات الشبيحة في إحدى القرى القريبة من القامشلي، حيث اعترضت مجموعات تابعة للنظام السوري أمام ناظري المدرعات الروسية دوريةً أمريكية وأطلقت عليها النار بشكل مباشر.
وأما الناحية الأخرى فإن الولايات المتحدة تنظر إلى توغل النظام السوري في إدلب على أنه نفوذ جديد لطهران في الأراضي السورية يمكنها من تدعيم نفوذها في وقت تسعى فيه لاقتلاعها من سورية بطريقة أو أخرى.
وبالعودة إلى الصراع الوشيك في إدلب تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة للدخول على خط المواجهة مع تركيا من بوابة حلف الناتو الذي طرق المسؤولون والعسكريون الأتراك أبوابه علناً لتقديم العون والمساعدة في المواجهة المحتملة التي أخذت تركيا هذه المرة في حسبانها مواجهة الشريك الرمادي (روسيا) في حال اعترض طريق الخطط التركية بعد انتهاء المهلة المحددة.
الأيام القليلة المتبقية ستكون حاسمة للنفوذ التركي في سورية وللمعارضة العسكرية والسياسية، ففي حال توجه الناتو بقيادة الولايات المتحدة للوقوف مع الخطوات التركية القادمة التي من المفترض أن تكون جريئة فلن يتمكن الأسد بعدها من محاولة التمادي على تركيا والمعارضة مجدداً وخصوصاً مع بوادر عزل عامل التفوق الجوي بعد إسقاط المروحيتين خلال أسبوع.
وفي حال نكول أعضاء الناتو والولايات المتحدة بتعهدات الدفاع المشترك بين الحلفاء وتفضيل تقليم الأظافر التركية عن الروسية في المنطقة ستواجه تركيا والمعارضة السورية ضغوطاً متزايدة قد لا تكتفي روسيا بها في إدلب فقط، بل ستشمل مناطق أخرى باتت تركيا تعتبرها خط الدفاع الأول عن أنقرة.