بقلم دعاء علي
كان معبر بستان القصر (كراج الحجز) همزة الوصل الوحيدة بين شطري حلب الشرقية والغربية، وفي بداية آذار 2013 منعت السيارات من العبور وأصبح عبور المعبر ترجلا حصرا مع وجود أكثر من أربعة قناصين.
فأصبح المرضى والدارسون والموظفون اللذين لا حول لهم ولا قوة يضعون أرواحهم على أكفهم ويقرؤون الفاتحة للعبور لأنَّهم مضطرون، وكم شاهدت كبار السن الذين يُحملون على عربات الخضار أو الخاصة بنقل جرة الغاز، فيكون الرأس للأسفل وكأنَّه كيس خضار.
وعلى الرغم من حالات القنص والقصف في المعبر إلا أنَّ ذلك لم يثن العابرون عن العبور.
وبعد عام تقريباً أغلق المعبر نهائياً، وكل يوم يأتي المئات إليه على أمل العبور لكن دون جدوى.
ثمَّ وضعت باصات للسفر تتراوح المدة الزمنية للوصول إلى المناطق المحتلة فترة تطول وتقصر حسب السائق وعدد الحواجز ونوعها، وأضف إلى ذلك ارتفاع أجور السفر متذرّعين بارتفاع سعر المحروقات والدولار والإنسان السوري لاحول له ولا قوة.
وهناك حالات مرضية هي بحاجة إلى دقيقة إضافية من الزمن علها تكون سبباً في إنقاذه، لكن لا أحد يهتم ويشعر بمعاناتهم، ثمَّ ارتبطت الأمور الصحية بالهلال الأحمر، حيث تمَّ إخراج العديد من المرضى عن طريق المعبر مسافرين إلى مناطق سيطرة النظام.
بعدها افتتح معبر آخر من جهة الشيخ مقصود، طريقه أطول وأعسر وكأنَّ هؤلاء الناس ليسوا من أهل البلد، وعندما يتجمع الناس عند السور الذي يشبه سور الحديقة التي لم يعرفها أطفالنا اليوم، وعندما يُسمح لهم بالمرور يفتح السور، ومن كثرة الأعداد يصبح المنظر مروعاً حين تشاهد الناس يمشون فوق بعضهم البعض، وربما تضيع الأولاد من أهلها.
وبعد فترة أغلق هذا المعبر أيضاً، وعاد الناس إلى السفر عن طريق الخط الدولي والعالمي طريق خناصر، وعادوا إلى التعرض لمواقف مخجلة ومهينة، وهذا أقل ما يمكن قوله ناهيك عن الابتزاز المادي و…
وحالياً بات الشريان الوحيد المغذي لمدينة حلب الشبه محاصرة (طريق الكاستيلو) مرصوداً بالطيران والرشاشات الثقيلة، ممَّا أدّى إلى ارتفاع عدد أرقام الضحايا المجهولة منها والمعلومة، وقطع الطريق بشكل شبه كامل عبر قذائف المدفعية والبراميل المتفجرة، علاوة على رصده برصاص قناصات وحدات الـ pkk والصواريخ الحرارية الموجّهة من قبل عصابات الجيش السوري.
الأمر الذي زاد الخناق شيئا فشيئا على سكان هذه المناطق التي تعاني ما تعانيه من ويلات القصف والمجازر، فطريق الكاستيلو هو الشريان المتصل بقلب حلب المحررة.
نأمل أن يكون سكان هذه المناطق ضمن أولويات من بيده القرار إن كان هناك من يملكه، وإن كان لا يوجد قرار بيد أحد، فإننا نعمل على إحياء جدار برلين الذي قسَّم المدينة إلى قسمين لكن بمواصفات أقسى وأشد خنقا، بالرغم من أنَّ هذا الجدار لا يحتوي على الإسمنت.