تعود قصة مثل بحسب إحدى الروايات (وهي كثيرة) “خذ الحكمة من أفواه المجانين” لرجل ثري جدا، عاش متغربا عن بلده للعمل وجمع المال،وفي أحد الأيام توفى الرجل بعيدا عن بلده، ووصل خبر وفاته إلى أولاده، حزن الأولاد على موت أبيهم، وقرر الابن الأكبر فتح باب العزاء بالأب. ولكن أخوته طالبوه بالميراث قبل العزاء، فطلب منهم الانتظار حتى تنتهي مراسيم العزاء، ولكنهم رفضوا الأمر.حول الأخ الكبير إقناعهم بالانتظار؛ خوفا من كلام الناس، إلا أنه فشل بذلك.
ذهب الإخوة لأحد القضاة يشكون أخاهم الكبير، فاستمع القاضي للأخوة، فما كان منه إلا أن أرسل في طلب الأخ الكبير.
فكر الأخ الكبير مليا ماذا يفعل للتخلص من هذه المشكلة، فقرر أن يذهب إلى أحد عقلاء المدينة لاستشارته، فذهب إليه، وسرد له القصة كاملة، فقال له الحكيم: “اذهب إلى فلان، فلن يفتيك ويعطيك الحل شخص غيره”، فقال له الابن:” لكن هذا الرجل مجنون فكيف يحل مشكلة عجز عن حلها العقلاء؟!”، فقال له الحكيم: ” لا تخف، اذهب إليه فلديه ما تريده”.
وبالفعل ذهب الولد إلى المجنون، وروى له القصة كاملة، فقال له المجنون:” قل لإخوتك: هل لديكم من يشهد بموت أبينا؟”، فذهب الولد إلى القاضي وقال له ما قاله المجنون، فما كان من القاضي إلا أن أثنى على كلام الولد، فقال للأخوة:” هل لديكم شهود؟” فرد الأبناء:” إن أبانا قد مات في بلد بعيد، ولا يوجد شاهد على ذلك”، فطلب منهم القاضي إحضار الشهود، وهكذا عُلقت القضية لفترة طويلة من الزمن، فما كان من الأخ الكبير إلا أن قال لإخوته:” لو صبرتم أسبوعا واحدا فقط لكان خير لكم من هذا”.
ثم انتشر المثل للدلالة على أن الحكمة والحلول الرشيدة قد تصدر أحيانا من أشخاص لا يُعتقد أبدا أنهم يملكونها.