بقلم : رئيس التحريرما زالت مجالس العزاء ومشاهد لطم الخدود وشق الجيوب على الهالكين تتصدر شاشات الإعلام في الشرق والغرب، فولولة أصنام العرب الذين طاروا من ممالكهم وروابضهم إلى باريس ما يزال صداها يجرح آذاننا، وصورهم وهم يهرولون بصورهم المشوهة ووجوههم الحزينة بعد إعلان النفير لمساندة شارلي في محنتها القاسية صور تبعث القرف والاشمئزاز. نعم، لقد طاروا فزعين إلى شارلي يحملون المناديل التي صنعوها من جلود شعوبهم، ليمسحوا بها دموع الشارليين الزمردية.أما محنة سورية ومأساتها، والمدن الغارقة في دمائها، ومناطق اللجوء التي تفتقد إلى مقومات العيش، والمخيمات التي لفها الزمهرير وأكلها الصقيع، فقد مروا عليها مرور غير الكرام، لأن مشاهد العائلات السورية التي تفترش الثلوج، والأطفال الحفاة العراة لا تؤثّر على حرية التعبير، ولا تصنع التطرف، ولا تنشر الكراهية بين الشعوب.ومما زاد نغمًا في الطنبور خروج الصحفي والرسام الأول في صحيفة شارلي ( بشار الأسد )، ليكمل حملة الإساءة ويطعن شعور السوريين وكرامتهم، ويدوس على المنطق والحقيقة، ويشوه صورة الواقع حوله، ويقول : إن سورية تقف ضد قتل الأبرياء في أي مكان من العالم، والسياسيون الغربيون قصيرو النظر وضيقو الأفق. وهذا الكلام يعني أن المسيو بشار كان حاضرًا في مسيرة باريس العفوية بروحه لا بجسده، رافعًا لافتة ( أنا شارلي ).إن منطق شارلي وأخواتها يشبه إلى حد كبير منطق بشار الأسد وإخوته من ( طرزانات ) العرب، ذلك أنهم يمتلكون مرجعية واحدة هي قلة الأدب ، ففي حين أنهم يصرحون باحترام الإنسان وصيانة حقوقه، يدوسون على الإنسان ويستعبدونه ويسومونه سوء العذاب، وفي حين أنهم ينددون بقتل الأبرياء ، تراهم يغسلون أقدامهم ببرك دماء الأطفال والنساء والشيوخ، يعلنون أنهم مع حرية التعبير ونقد الرموز والمقدسات الإسلامية، ثم يخيطون شفاه شعوبهم، ويجرمون من ينتقدهم بكلمة، وتقوم القيامة إن انتقد أحدهم الهلوكست اليهودي، ومنذا الذي يستطيع أن يتفل على صنم واحد من الأصنام التي تمتد من المحيط إلى الخليج؟!وكما أن سياسة الأسد ثابتة على مبادئها، واحدة لن تتغير كما صرح ويصرح، فإن سياسة الغرب في التعامل معنا بدونية وعلى أساس أننا خلقنا لنكون عبيدًا لهم أيضًا ثابتة في أذهانهم ، لن يغيروها إلا كما غيرها أجدادنا من قبل ، مع العلم أنهم ما عرفوا المسيرات العفوية والمظاهرات التي تكسر و(تطبش)!