بقلم يسرى عبدو
بعيداً عن الموك ودولاراته، وبعيداً عن الـ ” أنا ” التي تقضي على الحلم المنشود بإنشاء دولة جديدة، وفي ظلّ هذه الحروب المشبعة بالمنظمات الهادفة لمصلحة خاصة بها دون النظر إلى المصلحة العامة، تظهر لنا مؤسسة تعتمد اعتماداً كلياً على مواردها الذاتية سعياً منها لبناء مستقبل زاهر يعمّ فيه العمل الجماعي الهادف، ألا وهي مؤسسة شباب التغيير؛ إذ تتطلّع إلى مجتمع حضاري وممَكّن، وفعّال، قادر على التغيير ومساهم في صنع القرار.
وللحديث أكثر عن هذه المؤسسة التقت صحيفة حبر مع الأستاذ علي حلاق المنسق العام لشباب التغيير، الذي أكّد بدوره لنا بأنَّ شباب التغيير هي مؤسسة تعمل في عدة مجالات، ثلاثة منها أساسية: المبادرات والحملات، المشاريع، وبناء القدرات والتدريب والتشبيك والتواصل.
وهي موجودة في ثلاث مدن ” حلب، إدلب، حماة “، وتضم خمسة قطاعات، موزعة على (23) منطقة جغرافية.
وقد وضّح لنا الأستاذ عليّ كيفية تشكيل اللجان، وعلى أي أساس تم اختيار أعضائها بقوله: ” تم تشكيل اللجان بعد الخضوع للتدريبات بمعدل عشرة أيام لكل لجنة، وهذه اللجان توافق على نظام داخلي حوَّل المجموعة من الشباب إلى مؤسسة بنظامها الداخلي ورؤيتها وهويتها الخاصة بها
ثم إنّ تشكيل أعضاء اللجان كان على مرحلتين:
- في البداية كان هناك دعوة لثمانية تدريبات من المحافظات الثلاث بشكل عام، من كل منطقة أربعة أشخاص تقريباً، وبعد تكوين حوالي مئة شخص تمت دعوتهم على أساس قيم مشتركة، واهتمامات متقاربة بغض النظر عن الانتماء السياسي الإيديولوجي.
- المرحلة الثانية كانت من الشهر الأول لعام 2016 م بأحد أنشطة المشروع _كيفية تشكيل اللجان_ فاجتمع الأشخاص الحاضرون من أول التدريبات، ووضعوا المعايير لتشكيل اللجان الجغرافية؛ فكان هناك جملة من معايير السكان، وجملة من معايير الحراك الموجود في المناطق.”
وأضاف قائلاً: ” تمَّ إقرار شباب التغيير كمؤسسة في الشهر الخامس من 2016 بعد أن تمَّ اجتماع لممثلي اللجان، إضافة إلى المنسقين العاميين للقطاعات، وتم تحويل اللجان إلى مؤسسة.
أما فكرة شباب التغيير فقد انطلقت من التنظيم المجتمعي، والذي يحمل جملته الشهيرة التي نعمل عليها حالياً، وهي (تحويل موارد المجتمع لبناء قوة؛ للوصول إلى ما نريد) فكما نلاحظ بأنَّه في مسار الثورة أغلب المنظمات تعتمد على الدعم، وإننا نرى في لحظة معينة مؤسسة تبرق ومن ثم تنطفئ مع ابتعاد الداعم، أما بالنسبة إلى شباب التغيير فكرتها منافية لذلك، فمهما حدث نحن (23) لجنة مجتمعية، وكل لجنة تؤمن استمراريتها، وتؤمن عملها من مواردها الذاتية والبشرية والزراعية.”
وممّا هو ملاحظ كشاهدٍ على تلك المؤسسة، هو مخرجات هذه المؤسسة على أرض الواقع، حيث أجاب موضّحاً:
“أول انطلاق لتشكيل اللجان كان هناك عدة تدريبات، وأول أربعة تدريبات كان التمويل من اللجان المشاركة في التدريبات، بالمشاركة مع مبادرة ساهم ـــ صاحبة الفكرة ـــ بعدها كان هناك تمويل لتدريب ما تبقى من اللجان، ومن فترة لا تتجاوز الشهر في مدينة حلب، بدأ مشروع زراعي في ظل الحصار من موارد الفريق نفسه بالمشاركة مع منظمات موجودة على الأرض لتفعيل الموارد المتاحة.
والآن في قطاع حلب يسعى الفريق النسائي لتحويل الألبسة الموجودة بين يديه لتوزيعها على المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، كإعادة تدوير قبل عيد الأضحى المبارك لإدخال السعادة والفرح إلى قلوبهم.
وقد أقيمت عدة دورات ICDL لكادر الفريق، وقد قدمها أحد موارد الفريق.
ونحن في قطاعاتنا الخمسة ملتزمون كل ثلاثة أشهر بتدريبات مجانية من قبل كوادرنا للمجتمع.
ونقوم بحملات إعلامية لتسليط الضوء على موضوع محدد يهم المجتمع برمته، كالحصار الذي واجهته مدينة حلب، حيث قمنا بإحصائية شاملة للمدنيين وقتها، وهناك تنظيم للعمل بتحديد ساعات معينة لوجود أكثر من 300 شاب يشارك منشورات عن الحصار، من باب الضغط الإعلامي، وهناك عدة تجارب وخطوات في هذا الإطار.
وكذلك فريق المرأة في جبل الزاوية أطلق مشروع خياطة نسائي بالاعتماد على الموارد الذاتية لديه.
وهناك الكثير من الشواهد التي عملنا عليها، وما زلنا نعمل عليها حتى الآن.”
ولا شك أنَّ الامتداد الجغرافي غير محدد في هذه المؤسسة، فهي تسعى لأن تتوسع لتشمل محافظات أكثر، وهذا ما بيّنه المنسق العام الأستاذ علي بقوله: “حاليا موجودون في ثلاث محافظات، ولكن في لحظات أخرى يمكن أن نكون بأي منطقة في سوريا، نحن مؤسسة سورية مجتمعية، وحدودنا الجغرافية هي سوريا.”
بهكذا مؤسسات يكون مجتمعنا قد أصبح يعتمد في تنشئته وإصلاحه وتطوره على أفراده أصحاب الهمم العالية، والتي تعمل لأجله دون مقابل بتقديم النفع العام على النفع الخاص، فكم نحن بحاجة إلى مثل هؤلاء في بناء مجتمع يسود فيه الحق والعدل والشفافية والمصداقية والمهنية في العمل.