منيرة بالوش |
يواجه القطاع التعليمي في مديريات التربية والتعليم في إدلب وحماة وحلب بالشمال السوري وضعاً يُوصف بالكارثي، وذلك لتوقف الدعم المُخصص له من قبل الجهات الداعمة التي يقوم عليها النظام التعليمي هناك، وعلى رأسها برنامج (مناهل) عن طريق منظمة “كيمونكس” ، حيث توقفت حصة الاتحاد الأوربي منه التي تُشكل نسبة 65٪ من منحة مناهل، التي بدورها تغطي 7278 وظيفة في ميدان التعليم، كان من المفترض أن تستمر هذه المنحة لثلاث سنوات تنتهي بانتهاء العام الدراسي الحالي، لكن قلة التمويل أدى إلى توقفها قبل نهاية العقد المتفق عليه.
هذا ما أكده السيد “محمد الحسين” معاون مدير التربية في مدينة إدلب في حديث خاص لصحيفة حبر، حيث أشار الحسين إلى أن “توقف الدعم بهذه الطريقة قد يُخرج 500 مدرسة عن الخدمة، وعليه ستتوقف 4400 وظيفة تعليمية بين إداريين ومعلمين وموجهين، وهذا كله سينعكس بالدرجة الأولى على الطلاب، وبالتالي سيُحرم 160 ألف طالب من فرصة التعليم.”
هذا فقط فيما يخص محافظة إدلب، بينما قال فريق منسقي الاستجابة يوم الأربعاء الماضي في بيان لهم إن “عدد المدارس المتضررة في كامل الشمال السوري 840 مدرسة بما فيها مدارس حماة وحلب أيضاً. “
أما بالنسبة إلى الحلول المطروحة أوضح لنا السيد ” محمد الحسين” أن المناشدات والحديث عن الواقع الكارثي قد يلقى صدى عند الجهات المانحة والمسؤولة، وبدأ بعضها يتساءل عن حجم المشكلة بشكل يدعو للتفاؤل نوعاً ما.
وبيّن (الحسين) أنهم مرّوا بتجارب عديدة كان ينقطع الدعم فيها عن عدد قليل من المدارس كحد أقصى عشرة مدارس مثلاً ولكن ليس بحجم هذه المرة التي وصلت إلى 500 مدرسة دفعة واحدة، حيث تم تجاوزها بالعمل التطوعي، فالعام الماضي قام 3500 معلم بالعمل التطوعي، وتم تغطية جزء منهم براتب جزئي بصفة وكيل يصل إلى 60 دولار، وبقي 2000 متطوع بلا دعم.
فالعمل التطوعي حالة إسعافية غير كافية، وليست حلاً جذرياً؛ لأن المدرِّس أيضًا له التزاماته المعيشية، وبالتالي لن يصمد كثيراً بالعمل دون أجر.
هذه الفكرة أكدتها لنا المعلمة “سارة هندي” مدرسة لغة إنجليزية في مدرسة (خالد الشعار) في مدينة إدلب بقولها: “فكرة العمل التطوعي لا تناسب بعض المعلمين ولاسيما المعيل لأسرته وكثرة الالتزامات المادية، وبالتالي سيضطر المعلم لترك المدرسة والبحث عن عمل يعينه في حياته، وهذا ما سأفعله شخصياً إذا استمر الوضع هكذا فظروفي لا تحتمل “
المعلمة (سارة) تحدثت بلسان عدد كبير من المعلمين والمعلمات الذين صُدِموا بقرار وقف الدعم بداية العام الدارسي؛ لأن قطاع التعليم، كما بيَّنه السيد معاون مدير التربية محمد الحسين، من أهم قطاعات الدعم الإنساني، فبدونه ستكون الأجيال في حالة من التشرد والضياع والانحراف وماله من انعكاسات خطيرة على المجتمع.
وهنا وجه رسالة صريحة من خلال صحيفة حبر، دعا فيها جميع الجهات المانحة الداخلية والخارجية من مؤسسات ودول وجمعيات وهيئات إلى إعادة الدعم للقطاع التعليمي.
فيما يقول السيد (رضوان الأطرش) ناشط تربوي في مجمع خان شيخون، ويعمل بصفة معلم أول في الإدارة: “إن التعليم لم يكن مدعوماً من قبل كما يجب؛ بل كان عبارة عن منح مالية مقدمة من هيئات وجهات داعمة، تتوقف مع نهاية العام الدراسي، وهذه المنح لم تكن كافية لسد الحاجة المعيشية للعاملين بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية في المنطقة، وقطع الدعم الآن مع بداية افتتاح المدارس يساهم في تضييق على الناس بغية إيصالهم لحل ما، ترتضيه الدول القائمة على الدعم”
اليوم بعد انتشار خبر قطع الدعم عن شريحة كبيرة من المعلمين والمدرسين سيزداد الوضع سوءاً وسيؤثر على العملية التعليمية كاملة، والخوف من امتناع الكادر التعليمي عن العمل، والبحث عن مصدر رزق آخر وهذا يؤدي طبعاً إلى خلل تعليمي نتيجة نقص الكوادر المؤهلة.
هذا ما أكده فريق “منسقو استجابة سورية” في بيانه، حيث حذر كافة الجهات من العواقب الكارثية المترتبة عن إيقاف الدعم المقدم للقطاع التعليمي، وتزداد المخاوف من انتشار حالات التسرب للأطفال في منطقة الشمال السوري، وازدياد حالات عمالة الأطفال.