غسان الجمعة
في ظلِّ الأجواء الملبدة بغيوم التوتر، وارتفاع حدة التصريحات الدبلوماسية على الساحة الدولية بين موسكو وواشنطن، كان وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون يفاوض موسكو بطريقة مغايرة عن سلفه كيري وبيده أوراق ضغط تبدأ بقانون تسليح المعارضة بالمضاد الجوي ولا تنتهي بتداعيات الضمان الروسي لخلو مستودعات الأسد من الأسلحة الكيميائية، حيث يُنتظر من الإدارة الأمريكية بعد هذه الزيارة رسم معالم السياسة التي ستتبعها أمريكا حيال الشرق الأوسط، وذلك بناء على ردِّ بوتين.
لقد نجا الأسد باختيار ترامب خيار الرد على الشعيرات وليس على الأسد شخصيا الذي أعدت له عملية سميت “بقطع الرأس “وقال: لنبدأ بهذه “ضرب المطار” أي أنَّه لن ينتهي بهذا، فغالبا ما تكون البدايات بشيء والنهايات بشيء آخر.
ولعلَّ ترامب أراد إرسال رسالة للداخل الأمريكي قبل الخارج بهذه الضربة، وقد أظهر فعلاً ضعف سلفه أوباما، وبيَّن أنَّ خطوطه فارغة ووهمية، كما أنَّه لا يخشى القيصر الروسي الذي راقبت راداراته الصواريخ الأمريكية بصمت دون أي ردِّ فعل.
وأمَّا بالنسبة إلى الساحة الدولية فالرسالة من ترامب لبوتين وإيران قبل الأسد بأنَّه عائد إلى الشرق الأوسط لتقليم الأظافر وتقطيع الأذرع، وأمَّا بالنسبة إلى الحيوان، فقد شعر بالتأديب ورغبة ترامب بالحدِّ من جموحه الذي كان من الممكن أن يسحقه لولا رغبته بالمزيد من الاستنزاف لروسيا.
إنَّ اللافت بالأمر هو تغريده لمندوبة الولايات المتحدة (نيكي هيلي) في مجلس الأمن عندما قالت عقب التصويت الذي واجهته روسيا بالفيتو: “التصويت لمحاسبة سوريا هو يوم قوي للولايات المتحدة، ويوم ضعيف لروسيا، ويوم جديد للصين، ويوم القيامة لبشار الأسد” هذا يعني أنَّ عشاء ترامب مع الزعيم الصيني عقب الضربة بساعتين لم يحمل مباركة للضربة فقط، وإنَّما هو إشعار لروسيا بالدخول بعزلة دولية في حال بقائها مدافعة عن جرائم الحيوان التي يرتكبها بحق الإنسانية.
إنَّ الإدارة الأمريكية السابقة والحالية كانت تقف عاجزة أمام مبادرات الروس الاستفزازية بطلبهم لخرائط وجود المعارضة بحجة الفصل بينها وبين الإرهابين، لكن الوضع اليوم يختلف كثيراً عن سابقه، فروسيا ستواجه قريباً مطالبا أمريكية بإبعاد قواتها عن حظائر الحيوانات التي تساند الأسد وعلى رأسها قطعان إيران وحزب الله..
فهل تستطيع يا ترى رسائل أبي إيفانكا إيقاظ بوتين من أحلامه ووضع حدٍّ لجرائم الحيوان أبو ذيل؟ الأيام القادمة ستكشف لنا مواقفا روسية وأمريكية حاسمة مبنية على تفاهمات جديدة.