يعد التعليم العالي معياراً لقياس تقدم أي حضارة في مجال التعليم، و تأخره مشكلة كبرى يجب حلها، فبعد الاعتقالات التي مارستها قوات الأمن في صفوف الشباب وخصوصاً طلاب الجامعات ليكونوا وقوداً لنار حقده المضرمة بالشعب، وأده لتدمير المجتمع، ابتعد كثير من الطلبة عن مقاعد الدراسة تاركين وراءهم حلماً حولته ويلات الديكتاتورية إلى رماد يخبو تحته جمر الشوق لبناء الغد المنشود….
وبعد خمس سنوات من الركود التعليمي في المناطق المحررة استأنفت جامعة حلب الحياة التعليمية بافتتاح كلياتها التي ضمت عدداً كبيراً من الاختصاصات التي تتيح للطلبة إكمال رغباتهم، متبعةً بذلك الأسلوب الأوربي المعتمد على توزيع الكليات في أماكن متعددة في الداخل السوري، وتتبع هذه الكليات لإدارة واحدة تحت مسمى جامعة حلب في المناطق المحررة، فهي تنتشر في محافظة حلب ودمشق وإدلب وحمص وهذا ما أتاح لها ضم عدد أكبر من الطلبة.
بعض الطلبة أثناء إجراء الاستطلاع
- فبعد أن أتم طلابها فصلهم الدراسي الأول والذي لاقى استحسان الطلبة والمختصين في الداخل السوري، وانطلاقاً من إيمان مؤسسة تعليم بلاحدود / مداد بأهمية جامعة حلب كونها نواةً تعليمية في الداخل السوري وعليها المعتمد في بناء سوريا الجديدة من خلال طلابها والتي تسعى المؤسسة دائماً من خلال دعمها ورعايتها لمشروع إعادة الحياة للجامعة لرعاية الطلبة ومساعدتهم لإكمال طريقهم العلمي حيث أجرت المؤسسة بالتعاون مع صحيفة حبر استطلاعاً للرأي مكتوباً واسع النطاق لطلاب جامعة حلب، وقد شمل الاستطلاع الكليات الواقعة في ريف حلب وهي: (كلية الآداب التي تضم 40 طالباً في قسم الأدب العربي و35طالباً في قسم الأدب الانجليزي بالإضافة إلى كلية التربية والتي تضم 40طالباً وكلية العلوم التي تضم 25وكلية الاقتصاد التي تضم 20طالباً بالإضافة إلى معهد إدارة الأعمال الذي يضم 43 طالباً) وقد شمل الاستطلاع أيضاً الكليات الواقعة في ريف إدلب وهي: (كلية الطب البشري والتي تضم 143طالباً و125طالبةً وكلية هندسة المعلوماتية التي تضم 97طالباً بالإضافة إلى المعهد التقاني الهندسي والذي يضم 20 طالباً ) وقد تناول الاستطلاع أسئلةً عدة حول المشاكل التي يواجهها الطلبة بالإضافة إلى تناول مسألة الاعتراف والاختلاط الدراسي، وأسئلة أخرى بهدف تعزيز الإيجابيات وتجاوز السلبيات، وقد كانت نتائج الاستطلاع كالتالي:82٪ من الطلبة أكدوا ثقتهم بالمؤسسات التابعة للحكومة المؤقتة في ظل عدم توفر البديل الذي يقوم بمهام العملية التدريسية.
- 72٪ أفادو بأنَّ الجامعة تعاني نقصاً في لوازم المختبرات والمكتبات لاسيما الكليات العلمية.
- 66٪من الطلبة اختاروا اختصاصاتهم برغبتهم، وهذا ما يشير إلى توفر الاختصاصات في الجامعة.
- وحول مسألة الاعتراف فقد اعتبره 64٪ من الطلبة أمراً مهماً يجب النظر فيه.
- وممَّا يشير إلى التفاؤل بالكوادر التي تضمها أنَّ 10٪ فقط من الطلبة يعانون مشاكل تعليمية تتعلق بالمادة، بينما 46٪منهم يعانون من أزمة المواصلات، أمَّا 44٪من الطلبة بينوا بأَّنَّ رسم التسجيل هو مشكلتهم الأكبر، ويذكر بأنَّ رسوم جامعة حلب هي الأقل بين رسوم الجامعات العاملة في الداخل (50 دولاراً للسنة الواحدة في جميع الكليات ماعدا كلية الطب البشري في الشمال التي وصلت رسومها إلى 100دولار للفصل الواحد).
- وعن آلية الامتحان الفصلي الأول فقد أكد 92٪من الطلبة أنَّ الامتحان كان منظماً وخاضعاً للمعايير العلمية.
- وحول مسألة الاختلاط الدراسي رأى 67٪من الطلبة أنَّها لا تشكل مشكلة كبرى.
وللتوسع أكثر التقينا عدداً كبيراً من الطلبة للبحث في مشاكلهم واقتراحاتهم التي يودون نقلها إلى إدارة الجامعة، ففي كلية العلوم ركَّز الطلاب على أنَّ ما يواجهونه في الجامعة هو نقص شديد في لوازم المخابر العلمية، فالطالب موسى في قسم الكيمياء يقول: “كنت أرغب بالتسجيل في قسم الفيزياء، لكن القسم ما لبث أن أُغلق ولم يبقَ في الكلية سوى قسم الكيمياء والذي يفتقد مختبره إلى المواد الكيميائية الضرورية “
وللبحث أكثر التقينا عميد كلية العلوم الذي أفاد بأنَّ الكلية تحوي عدداً من المواد العلمية العملية التي تلزم الطالب بالدوام بنسبة 70٪مع مراعاة الظروف المحيطة مؤكداً أنَّ دوام طلاب العلوم كان مقبولاً إلى جيد وقال أنَّ الجامعة تعمل على توفير المنهاج والكادر التدريسي القادر على إيصال المادة العلمية للطالب، وحول مشكلة النقص في المخابر صرح بأنَّ الجامعة تعاني صعوبات في توفيرها ولم تستطع توفير بعضها لا من الداخل ولا من الخارج، وقال إن سبب إغلاق قسمي الفيزياء والرياضيات هو قلة عدد الطلبة المتقدمين، حيث لم يتجاوز عددهم 18طالباً .
أمَّا في كلية الاقتصاد فقد أكد لنا الدكتور عبد العزيز الدغيم عميد الكلية بأنَّ الجامعة تعمل على تسهيل الدوام على الطلبة من خلال تقليل عدد أيام الدوام بحيث ينتهي الطالب في الساعة الثانية ويتمكن من العودة إلى منزله، وقال الدكتور عبد العزيز إنَّ الحواسيب اللازمة للطلبة متوفرة ولكن بقلة بمعدل حاسوب واحد لكل ستة طلاب ….
د. عبد العزيز الدغيم عميد كلية الاقتصاد
وفي كلية الطب كان اهتمام الطلبة ينصب على تخفيض رسوم التسجيل مع مطالبة بنقل الجامعة إلى مكان تتوفر فيه المواصلات أو مضاعفة الجهود من قبل الجامعة لتوفير السكن للطلبة، حيث تقول الطالبة مريم حسن: “المشكلة الأكبر التي تواجهنا كطالبات هي توفير السكن في ظل عدم توفير المواصلات، أمَّا بشأن المادة العلمية فالكوادر متوفرة مع وجود نقص في مواد المختبر)
أمَّا في كلية التربية فقد قالت الطالبة ملك: ” إنَّ افتتاح جامعة حلب أتاح لي أن أكمل دراستي رغم اضطراري لدخول كلية التربية قسم معلم الصف، وذلك بسبب غياب القسم الذي كنت أدرسه وهو الفلسفة “
وقد أكد جميع الطلبة بأنَّ الإعلام الحر وسيلة تنقل أصواتهم ومقترحاتهم لاسيما صحيفة حبر التي كانت سباقة في هذه المبادرة لتنبيه قطاعات الإعلام والمنظمات للمساهمة بالنهوض بالجامعة وبالطالب السوري، حيث قامت الصحيفة أيضاً بنقل مقترحات الطلبة وآرائهم ومشاكلهم إلى إدارة الجامعة ووضعها على طاولة النقاش على أمل تجاوز العقبات نحو واقع تعليمي أجمل …
تقرير: عدي الحلبي