بقلم غسان الجمعة
تكمل صحيفة حبر بهذا العدد أربع سنوات من العمل الدؤوب في الإعلام السوري الحر، ترجم فيها مداد المحررين والكتَّاب أمنيات الشهداء وأحلامهم، وصدحت صفحاتها بأصوات المحاصرين والمعتقلين وصرخات الأطفال والحرائر، ولملمت كلمات الأحرار فيها جروح الثائرين وأنّات المكلومين.
حبر من قلب حلب التي تعدُّ أخطر مدينة بالنسبة إلى العالم وأروعها بالنسبة إلينا، تنسج كلماتها الحمراء من قبس تضحيات شعبنا ومن معاناتهم وآمالهم .. لتحيلها حبراً يتنفس الثقة بالنصر والتصميم على إكمال درب الثورة.
منذ تأسيسها دأبت الصحيفة على تقديم مضمون هادف اجتماعيا وسياسيا وتربويا وثقافيا يواكبُ تطورات وتغيرات المجتمع السوري، وتبنت أن تكون وسيلة وأداة للبناء الثوري والاجتماعي والسياسي، ومنبراً للتعبير عن حرية الرأي عبر ثقافة الحوار والتشاركية والنقد البنَّاء، وذلك بأن نكون جسراً تمضي عليه الأجيال نحو آمالها.
إنَّ الرسالة الجوهرية التي تعمل عليها حبر هي تنقيح ولفظ القيم المارقة التي تكونت بذورها في مجتمعنا في ظلِّ ظروف الشدة والقمع والاستبداد والتجهيل والانحراف.
فالعمل على إحياء وتطوير المفاهيم والقيم السامية المستمدة من حضارتنا العربية والإسلامية للانطلاق منها كقاعدة بناء ومنطق تعامل يبدأ بين أفراد الأسرة وينتهي بالعلاقات بين مجتمعنا والمجتمعات الأخرى هو غاية الحقيقة التي وجدت من أجلها حبر.
فالقيمة التي تعمل عليها حبر هي المعتقدات والأفكار والأهداف والمبادئ التي يحملها الفرد في مجتمعنا والتي توجه رغباته واتجاهاته التي تمكنه في نهاية المطاف من تحديد ما هو مقبول وغير مقبول سلوكيا ونفسيا مع نفسه أو مع غيره بإرادة حرة، وستغدو هذه القيم المستمدة من تراثنا العربي والإسلامي مترسخة في المجتمع، حيث ستصنع منه إنساناً لا يعرف للفشل طريقا؛ لأنه إنسان محكوم بالنجاح في بيئة خالية من أسباب الانحطاط والتذويب.
ولأنَّ الإنسان هو نَفسٌ إعلامية تتغذى بالخبر وتنمو بالفكر، فقد أفردت حبر عبر صفحاتها مساحات جيدة للشباب المتحمس ليكونوا هم المؤثرين والمتأثرين بنفس الوقت، ليرسموا مستقبلهم كما يشاؤون ويحلمون، وحتى نكون أكثر قرباً من هذه الطاقات والطموحات نرعاها اليوم كالبراعم لنرى ثمرها أشجاراً في الغد.
إنَّنا اليوم لا نعتمد على محررين معينين كما هي العادة التقليدية بالصحف؛ لأننا نقوم على أفكار العشرات من الشباب المختلف الاتجاهات والمتعدد الأهداف والتوجهات، يصبون نتاج فكرهم وآرائهم في حبر عبر صفحاتها ومنافذها الالكترونية، وتعتبر هذه الخطوة نهج استراتيجي لمستقبل الصحيفة عبر فكرة المشاركة المفتوحة للجميع.
أمَّا على صعيد المرأة فلم يقتصر جهد الصحيفة على تغطية مشكلات المرأة وطرح معاناتها للرأي العام، بل خصصت الصحيفة زاوية للمرأة نادراً ما خلت من كتابات ومشاركات ناشطات المجتمع السوري، بحيث تشجع المرأة السورية على تولي زمام المبادرة في بيئتها وبناء أسرتها.
إنَّ بداية السنة الرابعة من العمل الصحفي في حبر ليست حدثاً اعتيادياً، بل هي نقطة انطلاق جديدة نحو المزيد من البذل والجهد والعطاء والكثير الكثير من الإخلاص والتفاني بالعمل والإحساس بالمسؤولية .
وبهذه المناسبة أطلقت حبر بشكل رسمي (ملتقى حبر)، الذي يعالج ويطرح مشكلات البيئة المجتمعية السورية؛ ويعزز عميلة التفاعل بين شرائح المجتمع التي تكسب الفرد شخصيته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وتعرفه على حقوقه وواجباته تجاه نفسه والآخرين
كما أنها بصدد إطلاق العديد من المشاريع الشبابية التي سيعلن عنها تباعاً، لتزيد حبر من انخراطها في بيئتها ومجتمعها.
وكما في كل خطوة نخطوها نعود لمراجعة جميع ما قدمناه خلال الخطوات السابقة لنبني على الصواب ونتلافى الأخطاء التي وقعنا بها، لكي نكون على قدر المسؤولية والأمانة التي أُلقيت على عاتقنا، في حمل الكلمة الحرة إلى حيث يشاء أصحابها. وعلى الدرب ماضون …