سعود الأحمد
نقلت وكالة رويترز في الثلاثين من كانون الثاني خبرًا يفيد بأنَّ إيران قد اختبرت صاروخًا باليستيًّا قبل يوم واحد في منطقة (سمان) القريبة من مركز الإمام الخميني للفضاء، وأشارت تقارير بأنَّ ما أطلقته إيران هو صاروخ (خرمشهر) الذي أعلن عنه وزير الدفاع الإيراني في شهر أيلول من العام الماضي، وتأتي هذه الحادثة بعد قرار مجلس الأمن (2231) الذي دعا فيه إيران إلى وقف جميع أنشطة الصواريخ الباليستية.
هذه التطورات قد تكون خطيرة للغاية، وتساهم في صنع مرحلة جديدة من مراحل صراع النفوذ في منطقة الشرق الأوسط، فقد وصل بالولايات المتحدة في التعليق على تجربة إطلاق الصاروخ إلى حدِّ التحذير من التمادي في مثل هكذا أفعال، والتصريح بأنَّ هذه التجربة الصاروخية لن تمرَّ من دون ردٍّ، كما أنَّ ترامب بدا أكثر صرامة، فأعلن أنَّ جميع الخيارات مفتوحة للردِّ على إيران أكبر الدول الراعية للأرهاب، والذي رفع هذه الحدة وزاد من غليانها أيضا هو تعدي إيران على الفرقاطة السعودية قبالة سواحل اليمن الغربية.
يمكننا القول: إنَّ الحرب الكلامية بدأت بين إدارة الولايات المتحدة الجديدة وإيران، ويبدو أنَّها قوية، ليس من الجانب الأمريكي فحسب بل من الجانب الإيراني أيضا، إذ قال الرئيس الإيراني روحاني: (إنَّ ترامب مبتدئ في السياسة ولا يدري ماذا يحدث في العالم) ووصف مستشار المرشد الأعلى تصريحات ترامب باللعبة المسلية!
السؤال الملح هنا: إلى أين ستصل هذه الحرب الكلامية بين الطرفين، وما هو الردُّ الأمريكي المتوقع؟ ومهما يكن من أمر فإنَّ الخطوة التي أقدمت عليها إيران غير محسوبة، فالإدارة الأمريكية تعمل حاليا على صياغة سياستها الخارجية، ومن ضمن أولوياتها هو برنامج إيران النووي وأنشطتها الإقليمية، وترامب أساسا ينتقد بشدة سياسة سلفه أوباما التي- كما يراها هو- قد مكنت إيران في المنطقة، وأرخى لها العنان لتتمادى وتقوى، ولذلك يتوقع البعض توجيه ضربة عسكرية لإيران تؤكد صرامة الرئيس الجديد وترضي الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط.
إلا أنَّ هذا الخيار يبدو صعبًا من نواحٍ عديدة منها أنَّ أية ضربة لإيران لن تكون كافية لتدمير ما تمتلكه من قدرات صاروخية، وهذا يعني أنَّها ستكون قادرة على الدفاع عن نفسها والهجوم على مواقع استراتيجية في منطقة الخليج العربي، وربَّما تلجأ الولايات المتحدة إلى فتح الملفات الساخنة بين إيران ودول الخليج إضافة إلى مزيد من العقوبات الاقتصادية، لتكون خطوة بديلة عن الضربة العسكرية بحيث تسحب حلفاءها إلى صراع مسلح مع عدوها التاريخي تغذيه أمريكا بما تجود به من الاحتياجات العسكرية بما يكفي لمواجهة إيران التي لها ثقل في المجال العسكري، إذ أصبحت تنتج في السنوات الأخيرة الكثير من عتادها العسكري.
إلا أنَّ أكثر المؤشرات تقول: إنَّ التصريحات (الترامبية) ستردُّ من خلال الملفات الساخنة في المنطقة، فالنشاط العسكري لإيران في كلٍّ من العراق وسوريا واليمن مجالٌ خصبٌ للردِّ والكيد الأمريكي، وربما تكون الاتفاقات على مناطق آمنة في كلٍّ من سوريا واليمن هو الشرر الذي سيشعل الصراع بشكل أقوى على إيران ليتم استنزافها وإضعافها.
ما الذي تخبئه الإدارة الأمريكية الجديدة؟ وما هي مآلات تهديدات ترامب؟ سيناريوهات جديدة قادمة للمنطقة ربَّما تكون دامية ومقلقة.