بقلم : أحمد أبو إلياستابع السوريون أمس الانتخابات التركية للبرلمان بشغف ربما فاق متابعة الأتراك أنفسهم، حيث يرتبط مصير السوريين في تركيا بنتائج هذه الانتخابات إلى حدٍّ كبير، وقد جاءت النتائج مخيبة للآمال كما يقول الكثيرون منهم، وراجت على مواقع التواصل الاجتماعي عبارات حزم الحقائب، وكأن قرار ترحيل السوريين صار قاب قوسين أو أدنى .ولكن بعيداً عن الهمِّ السوري لم تكن نتائج الانتخابات التي أعلن عنها أمس كارثية كما يعتقد البعض، بل على العكس من ذلك فقد حملت في طياتها فوزاً كبيرا وعظيماً لتركيا كلها، وليس للعدالة والتنمية وحده ، لقد حملت فوزاً للمنهج الذي سار عليه العدالة والتنمية للوصول على السلطة، وهو الحق في المشاركة، والحق في التمثيل، فها هو الحزب الكردي يكسب لأول مرة مشاركته في الدولة التي كان يثير الفوضى بها بحجة عدم المشاركة.كما أن عدم حصول العدالة على فوز ساحق سيجعله يعيد النظر في برنامجه الذي اصبح بحاجة حقيقية للتجديد ليكون مقنعاً أكثر في مراحل قادمة قد تكون الأكثر أهمية، إضافة إلى أن هذه النتائج ستخلق نوعا من الاستقرار في تركيا بعيدا عن الفوضى التي كان من الممكن أن تعمل عليها المعارضة فيما لو استمر حكم الحزب الواحد بحجة استبداده بالسلطة .الباب الأن مفتوح على مصراعيه لتحالفات كبرى ستنعكس على استقرار المنطقة بالكامل خاصة أن اكثرها ترجيحاً سيكون بين العدالة والتنمية والشعوب الديمقراطي الكردي، الذي لن يجد لنفسه بديلاً عن هذا التحالف، لأنه لا يستطيع التحالف مع القوميين الذين أبعدوه دائماً عن الساحة السياسية وحاربوا وصوله إليها بينما دعم العدالة والتنمية الأكراد وحقهم في المشاركة في الحياة السياسية التركية مراراً واستطاع التوصل إلى اتفاقات عديدة معهم . ناهيك عن أن الحزب لن يستطيع الوقوف أمام تطلعات الأكراد انفسهم الذين انقسمت اصواتهم بوضوح بينه وبين العدالة والتنمية .إن رفض هذا التحالف سيكون طريق لإعادة الانتخابات وهو ما يخشاه الجميع وأكثرهم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي الذي دخل البرلمان بنسبة ضئيلة قد يخسرها فيما لو تمت إعادة الانتخابات .الأمر المهم الأخر هو أن التحالفات تكون أقوى لاستقرار الحكم في أزمنة الفوضى ، وهذا سيكون افضل للعدالة والتنمية الذي يحارب على جبهات عديدة وسيحقق راحة وإنجاز أكبر له ، خاصة عندما يقتسم بعضاً من تركة الفوضى مع شريك أخر .أخيراً فيما لو تمت أعادة الانتخابات فإن الأقرب للفوز بها سيكون مرة أخرى العدالة والتنمية وبفرص أكبر، خاصة مع فشل المعارضة على الاتفاق، وهو ما سيعزز موقفه فيما لو حكم لوحده مرة أخرى، وسيبعد عنه اتهامات الاستبداد بحجة إعادة الانتخابات وفوزه بخيارات الشعب من جديد، مع فشل المعارضة في الاتفاق على أي شيء . النتائج التي وصلت لها الانتخابات التركية ربما تكون النصر القادم لتركيا التي يحلم بها العدالة والتنمية ، ولكن ليس بيديه وحده، بل بأيدي الاتراك جميعاً . أمّا بالنسبة لنا نحن السوريون فاعتقد أن علينا أن نطمئن نوعا ما، فما هو قادم سيكون خيراً على المنطقة كاملة، وعلينا أن نحسن العمل لكي نستطيع الاستفادة من جميع الظروف المحيطة .