بقلم : رئيس التحريرفي دمشق تُنصب الخيام وتقرع الطبول وتلعب الغواني بالمزاهر وتُفرش الأرض بالنمارق وتوضع القهوة العربية على مواقد الفحم استعدادًا لاستقبال الفنان (ستيفن دي مستورا) الذي ترك قبيلته وجاء ليُخرِجَ الجزء الثالث من مسلسل (الصلح)، وليوقفَ النزاع بين عبس وذبيان القبيلتين المتناحرتين، ويطفئ نيران البسوس ويدفع ديات القتلى لوجه الله تبارك وتعالى، كما فعل سيدا ذبيان الحارث بن عوف وهرم بن سنان، فتأخذ الصحافة الغربية وأفراخها العربية دور الشاعر زهير بن أبي سلمى، فتُمجِّدَ هذا الكرم الطائيّ الذي يمنُّ به حبيب القلب (دي مستورا) على أحبائه السوريين !وقبل أن تبدأ الحفلة لا بدَّ من تزيين الأمكنة وتدريب الجوقات وتلميع الأحذية ووجه (دي مستورا)، فهو وسيط الصلح، والصلح خير، وهو المأذون الذي سيشرعن العلاقة بين السوريين وحضن الوطن، وهو الذي سيعيد المياه إلى مجاريرها والدماء إلى عروقها، وهو المُخلِّص الذي تحدثت عنه الكتب المقدسة وبشرت به، وإنَّ هذه الغيرة على العرب والمسلمين سببها أن نسبه عربي يعود إلى آل البيت، وقد كان جدّه يعيش في بطاح مكة ، صديقًا لعبد المطلب، يلتقيه كل يوم ويرشفان فنجان القهوة في ظل (هُبل). فهو إذًا عربيّ 100% ، واسمه الحقيقي هو (صطيف) من عائلة (المستورة) الشهيرة.وبعد هذا التلميع الفكاهيّ طُبعت كروت العزيمة عزيمةِ تبويس الشوارب، ووزعت على المعازيم، ووصلت إلى الائتلاف حماه الله بحماه وأدامه على أكتاف العباد ورعاه، فاشترط أن توجه جميع (الشاباشات) إليه فقط، وأن تُخصص له منطقة عازلة في ساحة الحفلة ليرقص فيها رقصتيْ السماح والمولوية و العربية بارتياح. وبالطبع لم تُوجه بطاقات الدعوة الورديّة إلى المعارضة غير المعتدلة، لأن الحفلة حفلة (بَسْط) ولا يريد السيد (مستورة) أن يعكر الجو ويفسد الجَمعة الطيبة.وبدأت الحفلة الفنتازيّة، وتمّ الوقوف دقيقة صمت على رؤوس الشهداء، وعلى أيادي الأطفال الصغيرة التي احترقت من البرد، وتمّ البكاء خمس دقائق لتعكس الكاميرات دموع الحاضرين، فهذه الحرب قاسية، وإنّ الأمم المتحدة لا تسمح لها رقتها وطيبة قلبها ورهافة حسها أن ترى رجلًا يُقتل أو طفلًا يُباع أو امرأةً تُغتصب .حضرت القبائل العربية ووفود المتخاصمين، فقام المطرب المسرحي (صطيف المستورة)، وصدح بموالٍ مُرحّبًا بالحضور، ومغنّيًا معلقته الجديدة:وقد غدوتُ إلى الطاغوتِ يتبعني شاوٍ مشل شلول شلشل شولُليدوِّخ بها أسماع العباد، ويخدرهم. كان (المستورة) على المسرح كالسعدان يقفز من طاولة إلى طاولة، ومن مكيدة إلى مكيدة، وينتقل من أسطوانة إلى أسطوانة، والحاضرون معجبون بصوته الزريابيّ الذي يسيل رقة وحنانًا.وبعد أن جالت الخمرة في الرؤوس ولعبت بها، قدَّم (المستورة) مبادرته الحكيمة التي تطلب تجميد القتال مع العدو في منطقة واحدة هي حلب، لمدة لا يعرفها المأذون الذي يعقد هذا العقد الباطل القائم على مبدأ المتعوية الشيعية المؤقتة، وبذلك يستطيع النظام أن يسحب قواته للقتال في مناطق أخرى، ثم يعود إلى حلب بعد انتهاء عقد زواج المتعة.همَّ المخمورون إلى توقيع معاهدة الصلح، وهمَّ (دي مستورا) إلى تقسيم الكعكة، ولكنّ المجاهدين جاؤوا في الوقت المناسب وخرّبوا الحفلة، وقلبوا الطاولات على رؤوس المعازيم، وأثبتوا للأمم المتحدة ومبعوثيها أن مفتاح الحل لا يمكن أن يصك إلا بأيدي المجاهدين وبنادقهم. وبذلك انقلب دي مستورا إلى من أرسله مفضوحًا لا مستورًا ..