فلك أحمد
لا يخفى على أحدٍ منا ما كانت تعانيه المرأة في الجاهليّة من وأدٍ وحرمانٍ وكرهٍ ونسيان وكلّنا يعلم أن الإسلام جاء وأعطى المرأة جميع حقوقها التي كانت محرومة منها ….
حقّ التعليم وحقّ الحرية وحق اختيار الزوج حتى أن الإسلام منحها حقوقاً تعادل حقوق الرجل فأعطاها مكانة لم يمنحها لها أي قانون بشري آخر حيث أوكل إليها أمور التربية ومن منّا لا يقتنع بأن التربية هي الحجر الأساس لبناء النواة الاجتماعية ألا وهي الأسرة فمن صلاح الأسرة وأفرادها تولد البذور الأولى لصلاح المجتمع وتتقاسم التربية والتعليم والثقة بالنفس وتميز الشخصية في تشكيل الفرد الناجح فمن المرأة تتولد كل القيم والمبادئ وباختصار يمكننا القول ” المجتمع هو ثمرةٌ ترويها المرأة عندما تنعم بحقوقها”
وإلى جانب تلك المهمّة العظيمة التي أوكلها الإسلام إلى المرأة فقد رسم الإسلام بريشة التسامح والاعتراف بالحقوق حياة المرأة ووظائفها فكانت ربّة المنزل والمسؤول عن المنزل بكل ما يضمّه من العلاقات الأسريّة وبثّ الأخلاق وزرع الأفكار والمبادئ إلى الاهتمام بنظافة المنزل فكانت هي المسؤولة الأولى فيكفيها أن تتربّع عرش منزلها دون أيّ عرشٍ آخر.
وإن نظرنا لوضع المرأة في الوقت الراهن رأيناها تعاني أوضاع مأساويّة وظروف قاسية في زمن فُرض عليها فجأة فأصبحت هي المسؤول الاول والأخير عن كل شيء …..عن تربية أولادها من جهة وعن إعالتهم من جهة أخرى فتلك أم ثكلى تبكي أطفالها في زمن الحرب وهنا أرملة فقدت زوجها بين جثث القتلى وتحت الحجارة المدمرة وهناك يعلو صوت معلمة امتهنت التربية في المنزل وخارجه أضف إلى ذلك النساء العاملات في المجالات الطبيّة ليكن ملائكة الحياة وصانعاتها.
أما إن فقدت العائلة دور المرأة عندها لن تستغرب إن رأيت الأطفال بين الحانات وفي أروقة الطرق والمحال التجاريّة وعلى أبواب المساجد تاركين وراءهم مقاعدهم وحلماً حوله الحكم الديكتاتوري سراباً في صحراء المشاعر الإنسانيّة والدولية تجاه الطفل السوري.
وفي نفس الوقت تعاني المرأة من نظرة المجتمع لها فكم من الناس اليوم يضيّقون دور المرأة باسم الدين متجاهلين أن المرأة قد تنازلت عن جميع حقوقها فأخذت دور الرجل والمرأة في آنٍ واحد فأصبحت المعيل والمربي وهي العامل والمعلم.
فالمرأة عندما تشعر أن أحداً يحمل مسؤوليّتها توقن أنها على قيد الحياة أما عندما ترى نفسها أمام مسؤوليّة فوق قدرتها تتمنَى الموت على أن تبدو مقصّرة في عملها.
وفي ظل الظروف التي تحيط بالمرأة السورية نتيجة انتشار المشكلات التي أولها الموت نتيجة القصف والدمار وآخرها انتشار ظاهرة العنوسة لدى شريحة كبرى من الفتيات السوريات مما يفرض على أفراد المجتمع حياةً شاقة تسترعي اهتمام كل فردٍ فيه لمنع الوأد الفكري والاجتماعي الذي يضطهد المرأة ويسلبها أبسط حقوقها وإلا فإن المجتمع سيغدو مفككاً مع غياب دور المرأة فيه.