أحمد زكريا |
ادعت حكومة نظام الأسد على لسان وزيرة الدولة لشؤون مشاريع الاستثمار والمشاريع الحيوية (وفيقة حسني) أنها بصدد إعادة فتح ملفات العقارات وأملاك الدولة المؤجرة لـ “القطاع الخاص”، لافتة إلى أن عدد الملفات التي سيتم فتحها يقارب 12 ملفًا.
وفي حين زعمت الوزيرة (حسني) أن “هناك خلل ويجب تصويبه لاستعادة ما أمكن من حقوق الدولة عبر رفع بدلات الاستثمارات والإيجارات بما يتناسب مع قيمها الحقيقية”، فيما رأى مراقبون أن ما يجري خلف الكواليس هو أكبر من محاولة تحصيل بدلات الإيجار لصالح حكومة نظام الأسد، وأن ما يجري تقف خلفه الأذرع الإيرانية التي تحاول بسط سيطرتها على القطاعات الرئيسة في الدولة السورية سواء الخاصة أو العامة.
ومن بين العقارات أو المنشآت المؤجرة للقطاع الخاص هي “معمل الإسمنت بعدرا”، إضافة إلى صالات تتبع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، إلا أنها تُدار من قِبل القطاع الخاص، إضافة إلى ـ 12 ألف عقار ومنشأة يُديرها القطاع الخاص، بحجة أنها بحاجة لإعادة تقييم، وفق زعم حكومة نظام الأسد.
وتأتي تلك الخطوة التي تعتزم حكومة النظام القيام بها، عقب أيام من زيارة وفد إيراني يتزعمه رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، ويدعى: (مجتبى ذو النوري) الذي أعلم رئيس وزراء النظام (عماد خميس) نية طهران الاستحواذ على خبرات “القطاع الخاص” واستثمارها بحجة دعم اقتصاد البلدين على حد زعمه كذلك.
ولم يكتفِ الإيراني (ذو النوري) بإبلاغ حكومة النظام بذلك، بل أعلمهم أن إيران تُريد تبادل الخبرات والتجارب الناجحة مع الجانب السوري في مرحلة إعادة الإعمار، وخصوصًا في مجالات الطاقة والزراعة وتطوير البنية التحتية والطرق والصناعات الإستراتيجية.
ومن هنا يرى مراقبون أن توجه أنظار حكومة الأسد صوب الشركات والمؤسسات التي يديرها “القطاع الخاص” ما هو إلا أوامر إيرانية بغية مد النفوذ الإيراني وتغلغله في مختلف مفاصل الحياة المعيشية والاقتصادية للمواطن السوري.
وفي هذا الصدد قال المختص بالشأن الاقتصادي (سمير طويل) لحبر: “إن نظام الأسد، ومع الانهيار الاقتصادي وتمويل آلته العسكرية التي سببت خسائر كبيرة للاقتصاد السوري، سوف يلجأ قولاً واحدًا لخصخصة القطاع العام وبيع مؤسساتها أو طرحها للاستثمار من القطاع الخاص”.
وأضاف طويل: أنه “فيما يخص إيران فهي مولت الآلة العسكرية للنظام وساعدته بالخط الائتماني، وتزوّده بالمشتقات النفطية طيلة 9 سنوات من عمر الثورة السورية، وهي اليوم تطالب نظام الأسد بضمانات اقتصادية وبردِّ الدين، ويُقال: إن الدَّين الإيراني يُقدر بـ 12 مليار دولار حسب بعض التقارير، فمن الطبيعي أن إيران بحاجة للاستحواذ أكثر على الاقتصاد السوري، ولها وجود عسكري في مناطق بسورية وتُسيطر عليها”.
وتابع أنه “مع انهيار الليرة السورية أمام عتبة الدولار الذي تخطى حاجز الـ 700 ليرة سورية، فإن نظام الأسد مضطر لإعطاء إيران ضمانات سيادية، كمنحها مشاريع التنقيب أو العقارات أو مشاريع توليد الطاقة والبنى التحتية، كسد دين من الفاتورة الإيرانية التي تطالب بها الأسد، ومن هنا يأتي سعيها للاستحواذ على المؤسسات والاستثمار فيها لصالحها، ونزعها من يد القطاع الخاص”.
ورأى طويل أن “إيران تسعى لتنفيذ مشاريع توليد محطات الطاقة، واستولت على قطاع الكهرباء في سورية، كما أنها اشترت وعبر أذرع لها عقارات ومناطق قريبة من العاصمة دمشق بغية استثمارها، واليوم تتجه لاستثمار مؤسسات (القطاع العام) بطريقة معينة تتماهي مع تنفيذ مخططاتها الخبيثة في المنطقة”.
يُذكر أن تلك الخطوة التي تنوي حكومة نظام الأسد القيام بها ومحاولة نزع المؤسسات من يد “القطاع الخاص” وتسليمها لإيران، أثار العديد من إشارات الاستفهام، الأمر الذي دفع الوزيرة (وفيقة حسني) لنشر ما قالت: إنه تصويب لما ورد على لسانها، مُدعية الإشارة إلى أن ملف تلك المؤسسات التي بيد القطاع الخاص “تحتاج لمزيد من المتابعة والاهتمام من قبل الجهات المختلفة”، حسب مصادر إعلام موالية لنظام الأسد.