لأول مرة أشعر أني ربما أكتب عنواناً مخادعاً، هل هي فعلاً المعركة المنتظرة بالقرب من أرياف حلب، والتي يُكثر المتشوقون نشر آمالهم حولها للوصول إلى مدينتهم، هل كنّا ننتظرها، أم هي كبقية المعارك الدفاعية التي لا نعرف بعدها أي أرض جديدة نخسر؟!
لا تنفع الأماني هنا، ولا الخيالات الجميلة، لكن المعنويات المرتفعة التي رافقت انطلاق المعركة أمرٌ مهم جداً، فالجنود على جبهات حلب قد ذهبوا لقتال يشتهونه حتى لو لم يحددوا هم توقيته، والأخبار التي تأتي من الغرف السريّة بصدقها وكذبها تصنع فرصة في الأفق، فرصة لاستعادة المواجهة خارج إطار الاتفاقيات المسبقة التي خلقت العديد من الحروب الوهمية في أماكن متفرقة لم تكن فاتورتها إلا دماء الناس وخسارة الأرض.
في هذه الأوقات يجب على الفصائل أن تضرب أعلى مستويات التنسيق فيما بينها وتضع كل الاختلافات جانباً، وأن تهاجم من محاور أخرى غير تلك التي اختارها النظام لبدء معركته، مع استمرار المشاغلة على تلك المحاور، أمّا الاكتفاء بالدفاع فلن يصنع فرقاً حقيقياً.
بحسب أعداد الجيش الوطني والأخبار التي تم تداولها عن دعم هذه المعركة يبدو هذا الجيش قادراً على تغيير المعادلة وتجاوز التفوق الجوي إذا حاول إحراز تقدّم على الأرض في عمق العدو وليس على امتداد الجبهات فقط.
إن اختيار نقطة للتقدم عميقاً في الأرض التي يسيطر عليها النظام بإمكانها تحييد القصف الجوي فترة جيدة، ومواصلة هذا التقدم بكتائب فدائية قادر على إرباك جميع نقاط المعركة المفترضة.
النظام فعلياً في حالة يرثى لها اقتصادياً وميدانياً، وهو استطاع أن يتقدم بسرعة في المرات الماضية بسبب ضعف المقاومة وسيطرة الاتفاقيات على مجريات المعركة وانسحاب البعض ممن يعرفون ما ستؤول إليه الأمور وعدم وجود دعم كافٍ لتذخير الجبهات، ومن المفترض أن الواقع في هذه المعركة مختلف، لذلك يجب قيادتها بطريقة مختلفة لتحقيق النصر.
نحتاج فقط إلى العزيمة والصبر ومواصلة الهجمات وعدم الاكتفاء برد العدوان على المحاور التي يحاول النظام التقدم إليها، وأخذ زمام المبادرة بالهجوم وعدم التوقف لكي لا نسمح للنظام بأي استراحة يعيد فيها تنظيم صفوفه.
الفرصة كبيرة جداً وتحتاج جدّية كبيرة، ويجب عدم إهمالها أو التعامل معها كحدث طارئ، فالمعركة التي لم تنتهِ قادرة دائماً على تغيير نتائجها لصالح من يخوضها حتى النهاية.
المدير العام | أحمد وديع العبسي