تداولت العديد من وسائل الإعلام تصريحات للقيادي في حركة حماس “محمود الزهار” يخطب فيها ودَّ الأسد ونظامه ويُعلق على عدم صوابية موقف حماس من القضية السورية.
سأحاول في عجالة أن أقارب هذا الموقف سياسياً دون الخوض في التفاصيل، ودون أي محاولة تبرير أو اتهام.
حماس تتخذ موقفًا خاصًّا بها، أو على الأقل خاصًّا بتيار داخل الحركة على حساب تيارين آخرين أحدهما صامت والآخر مناصر للشعب السوري، والموقف لم يخرج عن كونه تصريحات ليس لها أي أثر حقيقي على الأرض، فلا يجب أن تعطى سياسياً أكثر من وزنها ما دامت بلا وزن حقيقةً.
ولكن فيما لو كانت هذه التصريحات حقيقية وممثلة للحركة برمتها، ما موقفنا منها؟ أظن أنها ستبقى في إطار حماس وقضيتها التي تدافع عنها (فلسطين) ولا يجب أن تخرج لتصبح عائقًا بيننا وبين حماس.
بالنسبة إلينا هذه التصريحات مرفوضة ومدانة، لكنها مرفوضة ومدانة في مكانها دون أن تنعكس على موقفنا بشكل كامل من القضية الفلسطينية؛ لأن حماس ليست هي القضية الفلسطينية برمتها، ولا أن تنعكس على علاقتنا الكاملة بحماس؛ لأن هذا الموقف لا يختزل حماس بماضيها وحاضرها ومستقبلها، وما هو صحيح اليوم بالنسبة إلى الأشقاء في حماس قد يكون خاطئاً في الغد، والعكس بالعكس.
لسنا مضطرين للتبرير أو لفهم موقف الحركة، نحن أيضاً تعنينا قضيتنا بالمقام الأول، وما نفعله هو رفض أي شيء يمسها بغض النظر عن أصحابه.
لا نحن ولا حماس موكلين بقضايا المنطقة كاملة، حجم حماس وحصارها وضخامة الحرب التي تخوضها وكثرة أعدائها، لا يسمح لها أن تكون مسؤولة عن كل قضايا المنطقة في أي تصريح أو موقف تتخذه، إنها بالكاد تستطيع الصمود في ميدان قضيتها المباشرة، وكذلك نحن السوريون بالكاد نستطيع أن ندافع عن قضيتنا ولا وقت لدينا في استجلاب أعداء جدد أو فتح قضايا جانبية، ولن نستطيع الوقوف في باحة الأقصى قبل أن نقف في باحة جامع بني أمية، وكذلك هم.
إن الوقوف على الحياد في صراعات لن نستطيع فيها توجيه لكمة واحدة للعدو، أفضل مئة مرة من تلقي لكمات لا حساب لها سوى دماءنا، وأن القضايا التي نتبناها من قبل وتشكل وجودنا لا تتغير بتغير أمزجة الناس الذين يقفون بالصفوف الأولى، والأعداء لا يصبحون أصدقاء أبداً ما دامت الحقوق مسلوبة، لكن المواجهات تؤجل لحينها.
المدير العام | أحمد وديع العبسي