محمد رحال |
حمَّام حارم أو ما يُعرف بالمدينة باسم “حمام السوق” تعود فترة بنائه إلى ما بعد الفتوحات الإسلامية ” المماليك ” أي قبل 700 عام.
يقع الحمام بين الجامع الكبير بالمدينة وقلعة حارم الأثرية، حيث يعتبر موقعه من المواقع الغنية بالمياه لوجود عين نبع القلعة فيه. أُغلق الحمام نتيجة ظروف الحرب الدائرة في سورية قبل 9 أعوام، ليتم افتتاحه مجدداً وإعادة ترميمه مستعيداً بذلك رونقه وأصالته باستقبال الزوار وخدمتهم.
يقول (أنور بكور) مالك الحمام حالياً لصحيفة حبر: “إنه قام بالإشراف على تجهيز الحمام بالكامل، بعد إغلاقه لفترة طويلة من الزمن، فعند اندلاع الثورة السورية أغلق الحمام وأهمل بشكل كبير نظراً لما تعرضت له المدينة من قصف وغارات جوية، ولكن لابد للحياة أن تستمر بوجود مثل هذه الأماكن التي تربط الناس بذكرياتهم الجميلة، وتعتبر بمنزلة فسحة أمل ورفاهية لهم تخفف عنهم من متاعب الحياة والصراعات المستمرة.”
وعن تاريخ الحمام ونشأته يقول (بكور): “يعود عمر الحمام لمئات السنين، والعثمانيون هم من أعادوا ترميمه في فترة حكمهم بعد أن دُمر بفعل هجمات المغول أثناء الفتوحات الإسلامية، ما أدى إلى ردمه بشكل كامل.
ويقال إن عائلة من آل كوسا كانت تقطن في الحامضة بلواء إسكندرون هي من أعادت بناءه واستخدامه، ليبقى محافظاً على شكله ومعالمه البارزة إلى يومنا هذا.”
ويبقى لحمام السوق خاصيته المميزة التي تعطيه رونقًا جميلًا من خلال وجود القبقاب الخشبي، والأقواس العالية التي تشكل الركن المتين للجدران التي بنيت على الطراز الشائع في تلك الفترة، مما يجذب الزوار إليها للتأمل بعراقة وأصالة ذلك الفن القديم والعريق.
أقسام الحمام
“يقسم الحمام إلى عدة أقسام ومنها أربعة رئيسة هي: ” القميم” وهو مكان تسخن فيه المياه للاستحمام والبيرين هو أداة التسخين.
“الوسطاني” هو ما بين الجواني والبراني، وهي منطقة دافئة يجلس بها المستحم عند خروجه من الجواني لتبديل الملابس وتناول الفاكهة وشرب الشاي والقهوة وغيرها.
” الجواني” وهو الركن الأساس للحمام، حيث يكون فيه الاستحمام، وهو أدفأ منطقة نتيجة البخار المتصاعد من المياه الساخنة.
” البراني” وهو مجموعة مصاطب، ويوجد في منتصفه البحرة التي بصوت مياهها العذب يجذب العالم إليه، وهو مكان لتنشيف الوزرات عبر قفص تتموضع داخله مادة البيرين.
تميز حمام السوق عن باقي الحمامات الأخرى
يقول بكور: ” إن ما يميز الحمام عن باقي الحمامات الأخرى هو وصول المياه العذبة إليه دون أي تكلفة تذكر، حيث استفاد الحمام من موقعه بسبب قرب عين نبع القلعة الأثرية في حارم، ما سهل علينا إعادة ترميم الحمام وتفعيله، فالمياه هي أساس الحمام.”
وذكر لنا بعض التفاصيل من تاريخ الحمام والأيام الخوالي على حد وصفه، حيث
كانت تقام فيه الأعراس والأفراح، وكان من البدهي لكافة شباب المدينة النزول إلى الحمام كل خميس كي يستحموا وكل وقفة للعيد، وكان يستخدم للسهرات ومقصداً رئيساً للسياح بعد قلعة حارم الأثرية.
ويُنهي حديثه: “الحمام بابه مفتوح للجميع، صباحاً هو دور النساء، ويأتي دور الرجال مساءً من بعد الساعة الرابعة وحتى الفجر.”
(أنس) أحد شباب المدينة والزبائن يوضح أن “إعادة فتح الحمام مجدداً بمنزلة إعادة الروح للمدينة بالنسبة إلى الشباب والشيوخ، فالحمام يعيد الألفة والمحبة لأهالي المدينة ويكسب أناسًا جددًا من خارج المدينة.”
ويضيف (أبو أيوب) أن “للحمام نكهة خاصة، تتجلى بإعادتنا إلى التقاليد والأعراف السابقة، وهو أيضًا مكان للاسترخاء والترويح عن النفس.”
هو أقدم حمام موجود في الشمال السوري من حيث البنية والعمر، ومن حيث قلة تكاليف وصول المياه إليه، وإعادة ترميمه هو عودة للتاريخ والعقود وأيام الزمن الجميل بعيداً عن التكنولوجيا والهواتف الذكية.