المعتصم الخالدي |
تشهد مدينة دارة عزة الواقعة بريف حلب الغربي عودة بطيئة لأهالي المدينة، بعد فترة تصعيد عسكري شهدتها المنطقة أسفرت عن احتلال النظام والميلشيات الموالية له لعدد من القرى والبلدات القريبة منها.
تُعدُّ دارة عزة ثاني كبريات مدن ريف حلب الغربي، ويقع بالقرب منها دير سمعان العامودي الأثري الشهير، كما يمر بالبلدة الطريق الواصل بين إدلب وريفها من جهة ومنطقة عفرين من جهة أخرى.
كان يقطن مدينة دارة عزة، بحسب المجلس المحلي فيها، ما يقارب من 80 ألف نسمة بين سكانها الأصليين والنازحين القادمين إليها، ومع اشتداد وتيرة التصعيد على مناطق الريف الغربي لحلب قصف النظام مشفى الكنانة العام ومشفى الفردوس للتوليد الوحيدين في دارة عزة، ليصبح الأهالي بلا رعاية طبية.
وبحلول يوم 17 فبراير الماضي اقتراب النظام من دارة عزة وأصبح على مسافة 10كم فقط، وبدأت موجة نزوح ضخمة لأهالي المدينة إلى المجهول كغيرهم ممَّن نزحوا من قرى ريف إدلب وحلب الغربي.
وبعد قرابة الشهر من نزوح الأهالي عاد قسم لا بأس منهم إلى منازلهم بعد توقيع هدنة بين الأتراك والروس، إلا أن وضع البلدة سيء، فهناك نقطة طبية وحيدة افتتحتها منظمة (بنفسج) في محاولة للتخفيف عمَّن عاد من الأهالي، مع غياب كامل لكل أشكال التعليم خوفًا من أعمال القصف الغادرة للنظام التي أوقعت عشرة شهداء من الأهالي الذين قرروا عدم النزوح والبقاء في بلدتهم.
السيد نائب رئيس المجلس المحلي الأستاذ (يحيى حشيشو) مُتحدثًا لحبر: “مستمرون في أداء واجباتنا رغم صعوبة ذلك، الأهالي يعودون تدريجيًا لوجود تخوف من الوضع الأمني، وثمة إقبال للعائلات النازحة من قرى ريف حلب الغربي، حيث سجلنا ما يقارب من1800 عائلة جديدة، وحاليًا مسجل لدينا 30 ألف نسمة بين سكان المدينة والنازحين إليها، ونحاول في المجلس المحلي تقديم ما يمكن للنازحين رغم ضعف الإمكانيات وشحها”.
وتابع السيد يحيى قائلاً: “المجلس يعاني من نقص الدعم وعدم وجود كلفة تشغيلية للصندوق، بعض المنظمات دعمت رواتب عمال النظافة بالتحديد ولأشهر قليلة فقط، ثم توقف الدعم، والمجلس عاجز عن تقديم أي منح هذا الشهر لموظفيه”
كما أشار السيد يحيى إلى أن الواقع التعليمي سيء، وأن المجلس اضطر لإفراغ بعض المدارس للاستيعاب موجة التهجير الأخيرة، ونوه إلى صعوبة الواقع الطبي مع وجود نقطة طبية واحدة تابعة لبنفسج، وفي ظل تفشي وباء كورونا في العالم.
كما ناشد الأستاذ (يحيى) عبر صحيفة حبر المنظمات الدولية والحكومات المعنية بإدارة الشمال المحرر بمد يد العون للمجلس المحلي ومساعدة دارة عزة على استعادة عافيتها كونها آخر مدينة في ريف حلب الغربي ويسكنها عدد كبير من المدنيين.
والتقينا الأستاذ (ثائر الحلبي) الناشط وعضو المكتب الإعلامي التابع للمجلس المحلي وقال لنا: “واكبنا عمليات التصعيد الأخيرة وحاولنا توثيقها، في البداية كانت الأوضاع مأساوية وبين ليلة وضحاها أصبحت دارة عزة خالية ومدينة أشباح، الآن بدأت المخابز والمرافق الحيوية تعود للعمل والأهالي يعودون رويدا رويدا.”
ويتخوف سكان البلدة النازحين من عملية العودة نتيجة اقتراب مدافع النظام من البلدة وإمكانية استهدافها، يقول العم أبو محمد: “لم أخرج من البلدة واخترت البقاء فيها تحت القصف، إيجار البيوت في مناطق غصن الزيتون ودرع الفرات مرتفع جدًا ولا أستطيع دفعه والمعيشة مكلفة جدًا وفرص العمل الآن شبه منعدمة، الآن بدأ الوضع بالانفراج قليلاً وأتمنى أن تعود المدينة إلى سابق ازدهارها وأن يعود أبناء مدينتي وجيراني إلى مدينتهم ومنازلهم”.
يأمل أهالي وقاطنو دارة عزة عودةً آمنةً خاصة بعد إعلان بوتين_أردوغان في موسكو عن اتفاق تخلله وقف لإطلاق النار وإنهاء الأعمال العدائية والقصف الجوي في الخامس من مارس/آذار الجاري، ومع عودة الهدوء الحذر بدأ عدد من أهالي المدينة العودة إلى بيوتهم ومحالهم، راجين أن يبقى وقف إطلاق النار ويصبح دائمًا وتعود دارة عزة الطيبة إلى ازدهارها وسلامها وسكينتها وتنعم بالأمن والأمان وكذا باقي المدن والبلدات السورية.