رغم الدعاية الإعلامية التي روَّجت لها وسائل الإعلام الروسية في آواخر العام 2017 بأنه تم القضاء على تنظيم داعش إلا أن قدرة التنظيم على شنِّ هجمات ماتزال مستمرة وإن بات موزعًا كثقوب سوداء على الجغرافية السورية بتكتيكات وأعداد مختلفة بين منطقة وأخرى، فرغم أن التنظيم كان ومايزال حجةً لجلب معظم غزاة العالم إلى سورية بهدف محاربته إلا أن أطرافاً عدة لا تريد القضاء علية بل تريد الحفاظ عليه لتنفيذ أجنداتها في سورية والشرق الأوسط.
نظام الأسد والروس
لا يخفى على أحد كم استفاد الأسد من تمدد التنظيم وكيف تربعت محاربة داعش سلم أولويات الساحة الدولية على حساب الإطاحة بنظام الأسد وكيف ساهم بقتل الكثير من الأحرار والثائرين خدمة لهذا النظام.
أما اليوم فتنظيم داعش يؤدي للأسد خدمة جليلة في إدلب من خلال استهداف الثوار والمدنيين على حدّ سواء بهدف زعزعة أي نوع من الاستقرار الذي ينشأ في المناطق الخارجة عن سيطرته ونشر بيئة الخلاف والتخوين والخوف، كما أنه سيكون ذريعة في أي وقت للانقضاض على المناطق المحررة، حيث فُتحت ممرات آمنة للتنظيم ليعبر من الخوين شرقي إدلب نحو عمق المناطق المحررة.
أما بالنسبة إلى الروس فعنوان احتلالهم لسورية هو مكافحة التنظيمات الإرهابية، غير أن هذه التنظيمات وعلى رأسها داعش حققت للروس منافع سياسية واقتصادية من خلال شيطنة كل ما هو معارض للأسد وساعدت سياسات التنظيم في تميكن الروس من السيطرة على منابع النفط والغاز وحتى المواقع الأثرية (تدمر).
في حين يلعب وجود التنظيم الآن مع روسيا دوراً في مضايقة إيران في سورية من خلال هجماته على مناطق تمركزها في البوكمال وغيرها في البادية السورية دون أن يكون هناك تغطية إعلامية وعسكرية لهذه الهجمات على عكس ما قامت به وسائل الإعلام الروسية في حملاتها آواخر 2017على ضفة الفرات.
الميليشيات الكردية والولايات المتحدة
تسعى الميليشيات الكردية بالتواطؤ مع الولايات المتحدة للحفاظ على بؤر داعش على الشريط الحدودي بالقرب من حوض الفرات لاستمرار ذريعة وجودها في المناطق الغنية بالنفط من جهة والتوسع في البقعة الجغرافية التي تريد إنشاء كيانها العرقي عليها من جهة أخرى، كما أنها تكسب بمحاربة التنظيم عدم الاندفاع التركي نحو مناطقها بحجة محاربة داعش، وهو ما حصل فعلاً خلال عملية غصن الزيتون عندما ألقي باللوم على تركيا في عفرين بعرقلة محاربة الإرهاب، كما أن التهديد بوجود داعش يخفف من حدة الرفض الشعبي من وجود هذه الميليشيات وممارساتها في المناطق العربية.
أما الطرف الأمريكي فوجود التنظيم بات يرتبط بشرعية وجوده في سورية ومن غير المستبعد أن تقضي الولايات المتحدة على التنظيم بشكل نهائي كيلا تفقد ذريعتها، كما أنها لا ترغب بالانسحاب من الساحة السورية دون الحصول على كعكتها في ظل منافسة إيرانية روسية تتصاعد حدتها بين الفينة والأخرى لدرجة تلميح المسؤولين الروس عن دولة تدَّعي محاربة داعش وهي تدعمه حقيقة والمقصود هنا (الولايات المتحدة) من قاعدتها في التنف.
كل هذه الأطراف تحاول تنفيذ أجنداتها ومخططاتها وإسقاط منافسيها في سورية باسم محاربة الإرهاب من خلال استخدام داعش كحصان طروادة على حساب الشعب السوري وثورته.