بقلم عبد الله درويش
من طبع الشعوب عبر التاريخ أن تقاوم الطغاة الذين يحاولون استعبادهم رغم معرفة الشعوب ثمن المقاومة، فالحرية ثمنها باهظ، والطغيان يحل في نفوس أصحابه فيتصورون أنفسهم آلهة في ثياب بشر.
والغريب أنَّنا في سورية نجد كثيراً من الناس يلتحفون دثار العبودية في صيف الحرية، فيتصببون من عرق الذل والجبن رغبة منهم في ربيع موهوم في زمن الخيال.
هذا الصنف من الناس لم يقتصر أثره على أهله، بل بدأ يتأثر من حولهم بإرجافهم، فهم يصورون النظام على أنَّه القدر الإلهي المحتوم، والنظام يستغل أولئك المغفلين ليشرع لظلمه ودكتاتوريته.
وهنا يرد سؤالاً مرهقاً :(من أين تشرب أولئك الناس كل هذا الذل؟ )
أليس هؤلاء الناس من أبناء جلدتنا؟ أليسوا من ذات البيئة التي أنتجت أبطالاً أذهلوا العالم بصمودهم؟
حاولت البحث عن السبب، فرجعت بي الذاكرة إلى بعض الأسباب، وهي:
1_ اعتماد النظام على قبضة أمنية عنيفة ومرعبة.
2_ الترويج لبث الخوف في النفوس من خلال الإعلام والممثلين الـ (كركوزات) الذين قاموا بدور ” القواد ” لدى أسيادهم.
3_ الخدمة الإلزامية التي كانت حظيرة لترويض الشباب على حياة الذل، باسم التأقلم على شظف العيش لحماية الوطن.
4_ الفهم الخاطئ والجامد للنصوص من قبل بعض المشايخ ” بقصد أو بدون قصد “.
ومع مرور الزمن أصبح جيل المقهورين ” آباءً “، وهنا راحوا يرضعون أبنائهم لبن الذل والجبن حتى لا تسمع الجدران كلامهم.
ولذلك نشأ جيل استمرأ الذل إلا من رحم ربي.
وهذه الأسباب ليست مبرراً لأولئك الناس، بل هناك أسباب داخلية تتمثل في:
1-ضعف الإيمان بأنَّ الرازق هو الله وليست الوظيفة.
2-الاضطراب النفسي وقلة الثقة بالنفس.
3-الرضى بالواقع وعدم الرغبة بالتغيير والذي تمثل بمقولة (كنا عايشين).
وهنا يأتي دور المصلحين وأصحاب النفوس العظيمة لنقل هؤلاء الناس من حياة الخنوع التي ألفوها إلى حياة العزة، وليعلموهم بأنَّ شمس الحرية قد أذابت جليد القهر، وأنَّ ما عليهم إلا أن ينهضوا من ثباتهم ويقذفون جانباً ” دثار العبودية “.