غسان الجمعة |
من إسرائيل تلقى الأسد الضوء الأخضر بالمرور نحو الجنوب السوري والاقتراب من حدودها، وهنا يمكننا أن نضع إشارات الاستفهام عن الحلف الذي يتبنى نظرية المقاومة ضد إسرائيل والذي يعدُّ فيه نظام الأسد (مجازاً) رأس الحربة، إذ توقفت أرتال حزب الله على مسافة أمان حددتها لها إسرائيل بعد أن صالت وجالت ميليشياته قتلاً وتدميراً في سورية لتفقد بوصلتها عند حدود الطريق المؤدية إلى القدس، وهذا يميط القناع عن مزاودات ما يسمى بحلف الممانعة ويجردها من تطبيلها وتزميرها ليل نهار عن مقاومة تجدُ في قتل الشعب السوري وسيلةً لتحرير القدس وهزيمة المشروع الصهيو أمريكي كما يسمونه الذي كانوا من أول المنصاعين لشروطه ومخاوفه.
إن الإعلان الروسي عن عدم وجوب اقتراب أي قوات لا تتبع للنظام السوري من حدود إسرائيل بالتزامن مع مطالب روسية بانسحاب كافة القوات الأجنبية من سورية هو عبارة عن رسالة واحدة في كل الاتجاهات للأطراف المنخرطة بالملف السوري ينعكس صداها حسب مصالح هذه الأطراف بمستويات مختلفة.
درعا وما يحاك لها إقليمياً هي أولى تصفيات مناطق النفوذ المفتوحة والمصالح المرسومة، فالعبث الروسي مع المناطق المحاصرة وإجبارها على المصالحة انتهى وباتت المهمة الروسية أكثر صعوبة في ظل تعارض المصالح وتناقضها من جهة والحاجة الملحة لمزيد من التنسيق والتحالف من جهة أخرى فيما بات يوصف بالمعارك الكبرى. فاستعمال لافروف في تصريحه لفظ (الأجنبية) استغرق الإيرانيين والأمريكيين وحلفاءهم وحتى الأتراك ممَّا لا يدع للشك مكاناً برغبة موسكو بالاستفراد بالكعكة السورية، لكنها لا تريد أن تدخل خلافاً مع الإيرانيين بالوقت الذي مايزال فيه الخطر الأمريكي متربصاً بمصالحها لذلك باتت تلعب على سياسة التلميحات والتأويل بالتوازي مع إبرام التفاهمات وعقد الصفقات وليس عنا ببعيد اتفاق إبعاد إيران عن الحدود بين روسيا وإسرائيل ومطالب روسية في الوقت نفسه من الولايات المتحدة الانسحاب من التنف، فالتعليمات الروسية لمرتزقتها على الأرض وبالأخص الإيرانيين بعدم المشاركة في معركة الجبهة الجنوبية هي عبارة عن جسّ نبض لمدى قابلية المرتزق للانصياع وتحجيم مصالحه أو إقصائها أمام الأهداف الروسية وسياساتها على المدى القريب ومدى إمكانية طي ملفها في سورية عندما تحين التصفية النهائية على المدى البعيد.
أما بالنسبة إلى المعارضة فحسابات درعا أسقطت الخداع الروسي بشكل قاطع لأنها إحدى مناطق خفض التصعيد التي من المفترض ألّا تتعرض لحملاتها العسكرية وعليها أن تطرح على نفسها سؤالاً، ما هو مصير إدلب وريف حلب الشمالي في ظل هذه السياسة التي تتبعها موسكو؟
من جهة أخرى لابد أن يكون لثوار الجبهة الجنوبية الكلمة في مواجهة الروس الذين يسعون لاتفاق مشابه بمنطقة ريف حمص الشمالي (السيطرة بالحرب النفسية والإعلامية) لما تحمله هذه المعركة من مخاطر أمنية للدول المجاورة، فحساسية إسرائيل مرتفعة للقذائف العشوائية التي قد تطالها والأردن يخشى تدفق المزيد من موجات النازحين عبر حدوده.
علينا الاستعداد للمواجهة وعدم انتظار قرار مصيرنا ممَّن لا يهمه ذلك فالظَّهر الذي أدرناه للغوطة بات اليوم مكشوفاً ومهددًا بالطعن، ومن يظن نفسه خارج الدائرة فليعلم أن دوره آتٍ ولا يجب أن نكون طرائد ساكنة تنتظر مفترسيها.