عبد الملك قرة محمد
في ظلِّ الوضع الاجتماعي المتردي الذي تعاني منه معظم الطبقات داخل النسيج السوري، وانطلاقاً من الواجب الإنساني الذي يُلقى على عاتق كل، كان لابدَّ من انتشار دوراتٍ خاصة بالتنمية البشرية والتطوير الذاتي والدعم النفسي، وذلك لتطوير الكوادر وحماية أفراد المجتمع من مفرزات الحرب الدائرة، فكانت تجارب ناجحة لعدد من المنظمات والمؤسسات العاملة في المجال الإنساني التنموي والهادفة لتطوير المجتمع بالدرجة الأولى.
وقد شهدت مدينة حلب وريفها مؤخراً افتتاح عدد من مراكز الدعم الخاصة بدعم المرأة وتفعيل دورها في المجتمع من خلال النهوض بوعيها الفكري وحالتها الاجتماعية والنفسية، وتعد هذه المراكز مشروعاً تشاركياً أشرفت عليه منظمتا مسرات والإحسان العاملتان في الداخل السوري في مجال التنمية، وتتوزع هذه المراكز في مدينة حلب بمركز واحد إضافة إلى مركزين آخرين في ريف حلب الغربي.
وتتمثل أهمية هذه المراكز كونها تشكل دعماً نفسياً للمرأة إضافة إلى تكوين مساحة تستطيع من خلالها التعبير عن أفكارها وطرح آرائها ومشكلاتها، وذلك بهدف رفع المستوى الاجتماعي للمرأة لتكون عضواً فاعلاً في المجتمع من خلال دروس خاصة تتمحور حول الجانب النفسي إضافة إلى جلسات توعوية تحسن من طريقة تفكيرها باستخدام أدوات التفكير المناسبة.
وتتميز هذه المراكز باهتمامها بتعليم المرأة من خلال دورات محو الأمية التي تدرَّس فيها مبادئ القراءة والكتابة في اللغة العربية والرياضيات المبسطة وبذلك تشكل هذه المراكز قيمةً علمية تساهم في الحد من ظاهرة الجهل المنتشرة في مجتمعاتنا.
ويضاف إلى ذلك توفر دورات مهنية خاصة بتعليم مهارات مهنية منها الحياكة وغيرها بهدف تطوير القدرات والمهارات لدى النساء المستفيدات، ويتوفر في المراكز أيضاً دورات خاصة بالإسعافات الأولية والأمور الصحية التي تساعد المرأة في التعامل مع الحالات المرضية التي تصيب أطفالها من خلال دراسة هذه الحالات وتشخيصها.
يشرف على هذه المراكز عدد من المشرفات المتدربات على أحدث طرق التعامل مع النساء وأمور الدعم النفسي والتوعية المجتمعية وتكتسب المرأة من خلال هذه الدورات طرقاً في التفكير إضافة إلى تربية الأطفال مما يساهم في تحديد دورها في المجتمع وتأكيد فعاليتها فيه.
يتجاوز عدد النساء في كل مركز 60 امرأة وتقوم المشرفات على الدورات بمعالجة المشكلات السلوكية وطريقة التعامل مع الآخرين إضافة إلى أساليب علاجية تستخدمها المرأة مع أطفالها، حيث تقسم النساء إلى فئتين: فئة النساء وفئة الفتيات، ويُعطى لكل من الفئتين منهاج مختلف تماماً عن الأخرى بما يناسب عمر الفئة ومتطلبات حالتها الاجتماعية.
المشرفة عبير فارس قالت بأن للمراكز أهدافاً سامية تتمحور في النهوض بتفكير المرأة ودورها في المجتمع من خلال الأساليب الحديثة والأنشطة والزيارات الخارجية والمتابعة المستمرة لتطور شخصية المرأة وتفاعلها مع النساء الأخريات لتمكين المرأة من التعامل مع المجتمع الخارجي وليس فقط مع الدائرة الضيقة المحيطة بها بهدف زيادة الفعالية النسائية في المجتمع، ونأمل في زيادة عدد المراكز والتوسع جغرافياً في كافة المناطق كي نستطيع استقطاب أكبر عدد من النساء ومحاولة تزويدهن بخبرات تعليمية وحياتية.
وفي لقاء مع عدد من المتدربات أكدن بأن المراكز كان لها دور مهم في الجوانب التالية:
- تقييم المهارات الفردية وتطوريها
- مشاركة المرأة في الشؤون الاجتماعية
- الاهتمام بتطوير شخصية المرأة في كافة الجوانب
- دعم المرأة نفسياً وزيادة ثقتها بنفسها.
- الاهتمام بالجانبين الشرعي والتعليمي من خلال دورات محو الأمية وتوسيع المعارف الشرعية.
- حل المشكلات التي يمكن أن تواجه المرأة في حياتها اليومية.
- تعلم بعض المهن النسائية كالخياطة وحياكة الصوف.
مهنياً واجتماعياً، علمياً ونفسياً تحاول هذه المراكز تأكيد دور المرأة في المجتمع المدني كونها مكملة للرجل فيه، ولابد من زيادة عدد هذه المراكز كونها تشكل مطلباً اجتماعياً مهما يزيد خبرات المرأة الحياتية مما يساعد في تكامل النسيج المجتمعي الذي يضم الرجل العامل والمرأة المربية.