عبد الملك قرة محمد |
تناقلت وسائل إعلامية عديدة خلال الأيام الماضية معلومات عن اللجنة الدستورية بعضها يفيد بإمكانية توقف عمل اللجنة أو تأجيل لقاءاتها، سواء بسبب فيروس كورونا أو بسبب الخلافات بين الأعضاء.
وفي هذا الحوار تطرح (صحيفة حبر) مجموعة من الأسئلة المهمة على الدكتورة (رغداء زيدان) عضو اللجنة الدستورية السورية عن وفد المجتمع المدني، حول عمل اللجنة الدستورية ودور المرأة السورية في العملية السياسية.
– بداية دكتورة رغداء دعينا نتحدث عن دور المرأة السورية في الجانب السياسي.. إلى أي حدٍّ يمكن للمرأة أن تقوم بدور سياسي في العملية السياسية؟
“أهلاً وسهلاً بكم، وأشكركم على إتاحة الفرصة للتواصل مع قرّاء صحيفة حبر.
بالتأكيد يمكن للمرأة السورية لعب دور مهم في العملية السياسية، ففضلاً عن كونها تملك الإمكانات اللازمة لذلك، فإنها عاشت تفاصيل الحرب بكل ما فيها، وكانت معاناتها خلالها كبيرة جدًا، وبالتالي فإن معايشتها للواقع ومشاكله تعطيها القدرة على تقدير المطلوب لإحلال السلام في سورية من جهة، والنهوض بالبلد وبنائه من جهة أخرى.
لكن بالطبع لن تكون جهودها منفصلة عن جهود الرجل، بل ستكون جهودًا مُكمّلة ومتفاعلة، لا يمكن لأحدها الاستغناء عن الآخر.”
لماذا تعد المرأة مكوناً أساسياً في العمل السياسي؟
“العمل السياسي هو أحد فروع العمل المجتمعي الذي يسهم في إدارة الدولة ورسم علاقاتها الداخلية والخارجية، والمرأة ركن أساسي في المجتمع، لا يمكن تجاهله ولا تعطيله، خاصة ونحن اليوم نحاول الخروج من صراع مرير مازال تهديده مستمرًا على البلاد والعباد، لذلك فإن كل الجهود مطلوبة ومهمة، ولا يمكن تجاهلها.
من ناحية ثانية فإن العمل السياسي يجب أن يعبّر عن إرادة الناس وتطلعاتهم، ويجب أن يعكس مواطنتهم وانتماءهم، والمرأة لا تتحقق مواطنتها إلا من خلال مشاركتها في الشأن العام بمجالاته كافة سواء منها السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية وكذلك الثقافية وغيرها..”
ما الاختلاف بين عمل المرأة السياسي قبل الثورة وبعدها؟
“قبل الثورة السورية كان عمل المرأة السياسي عملًا شكليًا عمومًا، فرغم وصولها للبرلمان والوزارة والإدارات العامة إلا أنها لم تستطع المساهمة الفعَّالة في بناء المجتمع، والسبب في ذلك الاستبداد الذي سيطر على البلاد وسخّر كل شيء لمصلحته فقط، ولم تهدف سياساته يومًا إلى رخاء المجتمع أو مصلحة سورية كبلد وشعب ولا إلى تنمية قدرات المواطنين السوريين أو الاستفادة من خبراتهم.
بعد الثورة أدركت المرأة السورية، وكذلك الرجل أيضًا، أن ممارسة السياسة ليست ترفًا، وأن عليها مسؤولية الدفاع عن البلد والعمل على تخليصه من الاستبداد، ورسم مستقبله، بشكل يحفظ كرامة الإنسان السوري، لذلك بادرت للعمل الجاد، وذلك عبر تأهيل نفسها وزيادة قدراتها والعمل على المشاركة والانخراط الفعال في العمل السياسي، صحيح أن الطريق ليس سهلاً، والعقبات كثيرة، لكن هناك إصرار ووعي يتنامى يومًا بعد يوم عند النساء السوريات، ودائرة المشاركة تتسع باستمرار.”
لو انتقلنا للحديث عن اللجنة الدستورية كونك عضوًا فيها، ما سبب المماطلة التي يمارسها النظام بعمل اللجنة؟
“حكومة دمشق أثبتت وتثبت للعالم أنها لا ترغب بالحل السياسي، وليس عندها أدنى استعداد لتقديم أي تنازلات لمصلحة السوريين، فالذي دمَّر البلد وقتل أهلها وشردهم ثم باع البلد ورهنها لداعميه في سبيل كرسي لا يُتوقع منه العمل الجاد في أي مسار سياسي، ولولا الضغوط الدولية، خاصة الروسية منها، لم يكن ليقبل بتشكيل اللجنة الدستورية أصلاً، واليوم وبعد مرور عام على انعقاد أولى جلسات اللجنة الدستورية مازالت المماطلة وتعطيل انعقاد الجلسات هي إستراتيجيته.”
هل فعلاً ما يزال لدى أعضاء اللجنة إيمان بها؟ ولماذا الإصرار على الاستمرار في ظل ألاعيب النظام؟
“الموضوع ليس إيمان باللجنة الدستورية من عدمه، لكن كلنا يعرف أن الحل السياسي السوري بيد الدول الفاعلة في القضية السورية، وكل القرارات الدولية أو المقترحات الدولية للحل السياسي من مسار جنيف أو أآستانة أو اللجنة الدستورية أو القرار 2254 وغيره من القرارات الدولية لم تكن نتيجة جهود سورية خالصة، بل كانت نتيجة تفاهمات دولية وضغوط دولية للأسف.
لكن هذا لا يعني مطلقًا التماهي مع ما يُرسم لنا، فنحن أصحاب القضية، ونحن من يجب أن يبذل جهده في سبيل مصلحة سورية، وفي الوقت نفسه ليس من الحكمة اتخاذ موقف سلبي من طروحات الحل السياسي، بل برأيي يجب العمل ضمن الإمكانات المتاحة لتوسيع دائرة الخيارات السورية الممكنة، وبالتالي تحصيل مكاسب أكبر أو دفع مضار أخطر.”
سمعنا بوجود أخبار عن توقف اللجنة الدستورية ما صحتها؟ وما فرصتكم البديلة في حال وصلت اللجنة إلى مسار مسدود؟
“حتى الآن لم يتم الاتفاق بين الرئيسين المشتركين على أجندة الاجتماع المقبل الذي كان من المقرر انعقاده في بداية هذا الشهر، ولا يوجد حتى الآن موعد يلوح في الأفق.
أما الفرصة البديلة، فأظن أن أحد الأخطاء التي نقع فيها أننا نتعامل مع الفرص المتاحة للحل السياسي كونها وحيدة، دون أن نعمل على تفعيل مسارات أخرى، فهناك من يصور اللجنة الدستورية على أنها سبيل الحل الوحيد المتاح اليوم، وهذا برأيي خطأ كبير، اللجنة الدستورية أحد منافذ أو مداخل الحل السياسي وليست المنفذ الوحيد، ولن تكون كذلك حتى في حال نجاح عملها أو استمراره، وهي بالتالي لم ولن تغلق الباب أمام الجهود التي يجب أن تُبذل في مسارات أخرى، بل إن فتح مسارات أخرى للحل السياسي سيكون مساعدًا لعمل اللجنة، كما أن عمل اللجنة يجب أن يكون مساعدًا لتفعيل المسارات الأخرى لذلك الحل.”
لماذا لا تفتحون باقي السلال كون اللجنة الدستورية تمشي ببطء؟
“هذا ما آمله، وما يأمله السوريون كما أعتقد، وهو ما يجب العمل عليه والضغط باتجاه من قبل كل قوى المعارضة السورية، وكذلك من قبل المجتمع المدني.
يجب حشد كل الطاقات وتوجيهها باتجاه مصلحة سورية، فحتى في ظل ظروف الهيمنة الدولية على المشهد السوري هناك مساحات يمكن العمل عليها والاستفادة منها، لكن ما ينقصنا هو تنسيق الجهود من جهة وإرادة العمل المنظم والجاد من جهة أخرى.”
هل هناك أي معلومات أو اتفاق على موعد الاجتماع القادم؟
“حتى الآن لا يوجد أي معلومات حول موعد الاجتماع القادم، والمعلومات تقول: إن الرئيسين المشتركين لم يتوصلا بعد لأجندة الاجتماع القادم، كما أن ظروف كورونا تصعّب ترتيب إجراء اللقاء الفيزيائي، خاصة مع رفض دمشق لعقد أي لقاء افتراضي.”
الجدير بالذكر أن الدكتورة (رغداء زيدان) تحمل دكتوراه في الدراسات الإسلامية، وهي باحثة في الفكر الإسلامي، وعضو اللجنة الدستورية عن وفد المجتمع المدني، وقد نشرت عدة كتب والكثير من الأبحاث والمقالات منها: “موقع العقل في ظل التشريع ، أفكار هائمة، دليل الترشيد الثوري”.