بقلم : رئيس التحريردي مستورا في السيدة زينب، هذه الجملة التي تجلس ثقيلةً على معدة قارئها وسامعها ليست روايةً تاريخيةً طويلةً تتحدث عن مغامرات السيد ( ستيفان دي مستورا ) وتجاربه الروحية في الأرض السورية، وليست مسلسلًا دراميًا مكونًا من إحدى وثلاثين حلقة يُعرض على قنواتنا الإخبارية في رمضان وغيره ليصبح دي مستورا نجمَ الشاشة العربية لعام 2015م.ربما تتفقون معي أنَّ التفكير بمنطقية يكدُّ الذهن أحيانًا ويتعبه، ويطرح مجموعة من التساؤلات التي تجعلنا نقف أمامها فاغرين أفواهنا، وهذا ما أصابنا عندما ظهر دي مستورا بطقمه الأنيق وسحنته الأجنبية ولسانه الأعجمي أمام ضريح السيدة زينب في دمشق يسند رأسه المتعب على قضبان النحاس الملمعة وكأنها أيادٍ حانية، ويغمض عينيه ويغمغم بكلمات لا يفهمها إلا هو، وكأن صاحب المبادرات ( الخنفشارية ) يستوحي من الضريح المزعوم مبادراتٍ أمميةً جديدةً ليطرحها على الساحة السورية ويشعل بها المنطقة بأكملها ويقدمها للأسد هدية.فما صلة هذا الرجل الأصفر بالسيدة زينب وأضرحتها الموزعة على أكثر من بلد؟ فإننا لا نعلم حتى الآن أنّه تمَّ إحداث مذهبٍ جديدٍ في النصرانية إلى جانب الكاثوليكية والأرثوذكسية والبروتستانتية اسمه النصرانية النصيرية الشيعية، فمن أين نبش الرجل هذه البدعة التي لم نسمعها من الباباوات، وهذه الطريقة الديمستورية المغرقة في التصوف!ثم إننا لا نعلم أيضًا أنَّ الإمام الذي دخل السرداب وحُبس فيه قد وقَّع اتفاقية دفاعٍ مشتركٍ مع المسيح الدجال الذي ينتظره دي مستورا والذين أرسلوه إلى بلاد الشام .وربما تقولون: إنَّ ( المبعوث ) جاء إلى سورية سائحًا كما جاء الشيعة من العراق ولبنان وأفغانستان وغيرها سائحين، ومن حقِّه أن يزور المراقد وأن يعقد الأشرطة الملونة على قضبانها، وأن يذبح مئة ألف طفل سوري سني تكفيرًا لذنوبه وخطاياه التي ارتكبها عندما لم يناصر الحسين الذي لا يعرفه السيد ستيفان !أليس من حقِّ ( المبعوث ) أن ينزلَ في فندق الحسنين بعد رحلة ( وجع راس ) سببها أولئك المتطرفون المتعصبون الذين يرفضون الصلح ويتجاهلون الأمم المتحدة، أليس من حقِّه أن يتزوج – يتمتع لمدة ساعة أو ساعتين بواحدة أو اثنتين من نساء الشيعة؟ أم أن دي مستورا ممثل بارع ومهرج متقِن يلعب على الحبلين؟يبدو أن ( المبعوث ) يريد أن يدخل عن طرق الأموات في القبور إلى قلوب الشيعة ومن شايعهم الذين ماتت فيهم الإنسانية، فهو يوجه إليهم رسائل تطمينية تحفيزية، ويهمس في آذانهم: ثمة روابط مشتركة بيننا وبينكم، وإننا زوج حذاءٍ واحدٍ لا يمكن أن تستغني ( الفردة ) اليمين عن الشمال أو العكس. فتعالوا يا أيها الروافض الشيعة نضع أيدينا في أيديكم فنسجد على فخارةٍ واحدة لصليبٍ واحد، ونعمِّد أطفالنا بطستٍ واحد ونطبّرهم بسيفٍ واحد، هلموا نتفقْ على كلمة واحدة تحارب أهل السنة والجماعة فوق كل أرض وطئوها وتحت كل سماء أظلتهم.وفي الزيارة ( الميمونة ) للضرح الذي لا يعرف أحد من بناه إلا الحشاشون يبدو ( المبعوث ) دي مستورا منفتحًا على الآخر، يحب الإنسان ويحترم الأديان ويكنُّ للسيدة زينب كبير الحب والتعظيم على الرغم من أنه لا يعرفها ولم يسبق له أن سمع باسمها. ويمد جسور الائتلاف والتعاون والتعاطف والتراحم والتعاضد.. إلخ. فيتحول ضريح السيدة زينب إلى خشبة مسرح يؤدي عليه المغمور ( المبعوث ) المشاهد التي لم يحفظ غيرها، ليبدو أمام العالم مصلحًا يبشر بالصلح بين الفئات المتنازعة، ثم يعود إلى طبيعته الحيوانية بعد أن ترخى الستارة فيشارك في وليمة أكل اللحم السوري والشرب من دمائه والرقص على جثته.وهذا دي مستورا يدعوكم أيها القراء إلى أن تشتغلوا ( كومبارس ) في مسرحه التجريبي، فإياكم وهذه المهنة، فليس بعدها غير الهلاك.