فراس مصري |
نعود وإياكم إلى المؤتمر الدولي الخامس للأطفال والشباب في مدن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي أقرت إقامته في حلب منتصف عام 2008.
ما يخص التنظيم: كنت المسؤول الأول عن التحضير والتنظيم واستقبال الباحثين والضيوف، وكان عليّ التعاقد مع شركة تنظيم مؤتمرات، لاسيما أنها التجربة الأولى في هذا المجال.
لكني أدخلت نفسي في مغامرة، حيث إن المؤتمر للشباب، فدعوت ما يقارب 50 إلى 60 شابًا وشابة من جهات ثلاثة هي: جمعية التعليم ومكافحة الأمية (الشريك الأهم في عملنا مع المجتمع المدني)، والجمعية اليسوعية، واتحاد شبيبة الثورة، ودربتهم على فعاليات المؤتمر التنظيمية، وتتضمن: (استقبال الضيوف من المطار، ومرافقتهم لتأمين احتياجاتهم في المدينة داخل المؤتمر وخارجه، ولوجستيات المؤتمر، وتنظيم القاعات والحضور..)، فكان لكل باحث ضيف من الضيوف الـ 27 شاب وصبية من المنظمين يرافقانه في كل متطلباته، وهذا الأمر غير موجود في أي مؤتمر حضرناه، إذ جرت العادة أن الضيوف يخدمون أنفسهم خارج أروقة المؤتمر.
ما يخص الشركاء: إضافة إلى الشركاء الأصليين (المعهد العربي لإنماء المدن)، وبتوجيه من رئاسة مجلس المدينة، فقد تم عرض موضوع المؤتمر على الأمانة السورية للتنمية؛ لأجل المشاركة في المؤتمر بفريق من عندهم وباحثين، وتمت مشاركتهم مُمثَّلين بمديرة (مشروع شباب) التابع للأمانة، وكان لها كلمة ومداخلة، أما الشريك الثالث فكان وبمبادرة من إحدى الشابات ( ز/ أ ) حيث عرضت عليَّ لقاء الصديق (م / ق) من اليونيسيف، وهي منظمة أممية تعمل فقط مع وزارة التربية في سورية ولم يسبق لها أن عملت مع البلديات، ونتيجة هذا اللقاء كان أن سافرت إلى دمشق والتقيت السيدة (شهرزاد بو يحي) سفيرة اليونيسيف في سورية آنذاك، وقدمت لها عرضًا عن أنشطة مجلس مدينة حلب في مجال الثقافة والمجتمع المدني، فاستغربت كون مجلس مدينة سوري يفكر بهذه الطريقة، ورحبت بالمشاركة في المؤتمر وكان لها كلمة ومداخلة مع فريق من اليونيسيف، وكان المؤتمر بداية تفاهمات مع اليونيسيف نتج عنها خريطة طريق قدمت من خبرائهم بعنوان: (حلب مدينة صديقة للأطفال) وكانت الشراكة الأولى لليونيسيف مع جهة غير وزارة التربية.
لقد كانت جلسات المؤتمر صباحية ومسائية، وفيها غنى كبير بالأبحاث، وأما حضورها فكان مميزًا وبعدد لا يقل عن 300 شخص في كل جلسة كلهم من الشابات والشباب، وكان فرصة لإنشاء شبكة علاقات عامة مهمة بين الشباب والباحثين، وبين الشباب والمجلس، وبين الشباب واليونيسيف.
وقد نتج عن المؤتمر مجموعة من التوصيات التي تمت متابعة بعضها في فعاليات أخرى، وأهم هذه التوصيات:
- الاستدامة: يوصي المؤتمر بمشاركة فعَّالة بين الجهات الحكومية المعنية والجهات غير الحكومية والشباب والتنسيق؛ لتحقيق الاستدامة للبرامج والمشاريع الخاصة بالأطفال والشباب.
- التعليم والتدريب والتأهيل: يوصي المؤتمر بربط مناهج التعليم وخطط التدريس والتدريب بالحاجة الفعلية لسوق العمل، والتركيز على التدريب النوعي والمستمر والتطبيق العملي للشراكة ما بين قطاع العمل وقطاع التعليم مع التركيز بمشاركة المستهدفين ” الشباب “.
- كما يوصي المؤتمر بمشاركة الأسر لتحديد هيكلية المناهج التعليمية، وتأمين التدريب، ورفع الوعي للوالدين لتأهيلهم للتعاون مع أبنائهم بشأن حرية الاختيار، وبناء الثقة والتقارب وطرق التفاهم والتواصل بينهم.
- يوصي المؤتمر بمعالجة التسرب المدرسي من قِبل الجهات المعنية والأسر خاصة في الأحياء الفقيرة والعشوائيات.
- الإعلام: يوصي المؤتمر الجهات الإعلامية الاهتمام بقضايا الأطفال والشباب بطريقة مهنية وفعالة؛ لتسليط الضوء على احتياجات الأطفال والشباب الماسة، وطرح الحلول العملية.
- يوصي المؤتمر بضرورة التشبيكNet working بين الجهات المعنية بقضايا وبرامج الشباب وبمشاركتهم بهدف التواصل وتبادل المعلومات والبيانات اللازمة، وتطبيق أفضل الممارسات.
- التدخل من الجهات المعنية للحدّ من ظاهرة أطفال الشوارع، وذلك عن طريق برامج الرعاية والحماية والتأهيل، كما يوصي المؤتمر بالتدخل من قبل الجهات المعنية للحصول على الوثائق الثبوتية لهم.
- عمالة الأطفال: يوصي المؤتمر بإيجاد الآلية المناسبة لتطبيق القوانين والتشريعات التي تحدّ من عمالة الأطفال خاصة الأعمال الخطرة وغير الأخلاقية.
- ونظرًا لوجود اختلافات بين المجتمعات الريفية في نواحٍ متعددة حسب التوزيع الجغرافي لهذه التجمعات، لذلك يوصي المؤتمر بشمول المجتمعات الريفية ببرامج دعم الشباب في قضايا التعليم والتدريب لتأمين احتياجاتهم ومساعدتهم بإيجاد العمل المناسب.
- يوصي المؤتمر بتعميم تجربة هبي تات (UN – Habitat) الخاصة بإنشاء النافذة الواحدة لخدمة أنشطة الشباب، وعلى مجالس المدن والبلديات تقديم الدعم لهذه التوجهات من خلال تأمين الأماكن اللازمة وتقديم التسهيلات اللازمة للترخيص لهذه المراكز وتحديد الجهة المشرفة عليها.
- تعزيز دور الإدارات المحلية في توفير التعليم غير النظامي؛ لتأهيل المتسربين وأعدادهم لسوق العمل.
في نهاية هذه الحلقة أودُّ التنويه إلى أن ما تم ذكره في علاقة المجلس بالمجتمع المدني هو غيض من فيض من عمل شاق ومستمر، فلا يكاد يمر يوم من أيام مجلس المدينة إلا وفيه نشاط مجتمعي.
حياكم الله..