فراس مصري |
في عام 2003 فكرت أن أخوض انتخابات مجلس مدينة حلب، وحصلت لذلك على دعم الأهل والعشيرة (الهنادي)، كما طلبت دعم المقربين من أصدقائي وعرضت عليهم الفكرة، فكان السؤال عند معظمهم: “وهل يوجد انتخابات إدارة محلية في البلد أم أن المجلس معين؟!”
اكتشفت حينها أن معظم السوريين يعرفون انتخابات الرئاسة وانتخابات مجلس الشعب وعادة يقاطعونها، أما الانتخابات المحلية لمجالس المدن فلم تكن ضمن أدبياتهم.
حديثنا في هذه الحلقة (الأولى) سيكون عن الحالة الانتخابية في سورية عمومًا من خلال تجربتي الخاصة في الانتخابات المحلية.
ربما يتساءل الكثيرون عن الدافع الذي يجعل شابًا سوريًا غير قريب من دوائر النظام الحزبية، بالتفكير في الترشح لعضوية مجلس المدينة، ويحاول الوصول لأحد مراكز القرار التشريعي على المستوى المحلي، وهو سؤال محق ومن الواجب توضيح ذلك للقراء، وفق الآتي:
– ثمة قناعة لدى مجاميع الشباب المثقف بضرورة التغيير في بلد يتخبط بالفساد مع وجود عجز في معرفة بوابة هذا التغيير، لا سيما من عاش أيام بطش الأسد الأب وفساد أجهزة حكمه، ثم كانت الصدمة بتوريث الحكم واستمرار النهج.
– تحكم القبضة الحزبية منذ كنا طلابًا في الجامعة، ثم القبضة الأمنية في الحياة العملية تشعرك بالانغلاق الكامل وفقدان الأمل بإمكانية التغيير دون أدوات القوة اللازمة.
– نصائح عديدة من أصدقاء ذوي الخبرة، بأن الجمهور لا يصنع تغييرًا في الملعب، إنما من يصنع التغيير ويسجل الأهداف ويمنع التسلل ويلعب ضمن الحدود ويدافع عن المرمى، هم اللاعبون المنتشرون بانتظام في أرض الملعب.
– أثبت عزوف الشرفاء والمستقيمين عن وظائف الدولة والانتساب للجيش والمجالس المتعددة من لجان الأحياء إلى البرلمان، فشلاً ذريعًا في أي محاولة اختراق إيجابي للتقدم بالمجتمع والوطن نحو الأمام؛ لأن الاختراق من الخارج يسهل التصدي له من قبل الفاسدين.
إذاً التغيير هو الهاجس، والبحث عن آلياته وأدواته هو الدافع، والانخراط من أجل ذلك داخل المؤسسات هو الحل.
ما هي أصناف الانتخابات في سورية؟
– الانتخابات الرئاسية.
– انتخابات مجلس الشعب.
– انتخابات مجالس المحافظات والمدن والأحياء.
– انتخابات الاتحادات والنقابات.
انتخابات مجالس إدارات الجمعيات الأهلية.
تقوم كافة الانتخابات في سورية على أساس المادة الثامنة من الدستور “حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة ويقود جبهة وطنية تقدمية”
وتتميز الانتخابات في سورية بعزوف الناس عنها ترشحًا ومشاركة بالتصويت؛ لفقدانهم الثقة بنزاهة الانتخابات بداية، ثم لمدى فاعلية المجالس المنتخبة وأثرها في دولة أمنية نهاية.
تقوم الانتخابات في سورية على الأسس التالية:
– وجود فئتين من المرشحين (الفئة أ) وهي شريحة العمال والفلاحين (موظفو القطاع العام والشركات الإنتاجية، ومنتسبو اتحادات العمال والفلاحين …) والثانية (الفئة ب) وهي شريحة باقي فئات الشعب (التجار والصناعيون وأصحاب الأعمال الحرة …)
– لا بد من أن يكون ثلثا المرشحين للبرلمان أو المجالس المحلية، من أعضاء الجبهة الوطنية التقدمية وهي حزب البعث ومن يدور في فلكه من أحزاب أشبه بالدمى، ويبقى الثلث للمستقلين، وعادة ما يكون هؤلاء المستقلون من بعض التجار النافذين ومنتسبي العشائر.
– يسمح التوزيع السابق لأن يكون القرار محتكرًا بشكل كامل للسلطة الحاكمة، حيث إن الدستور ينص على أن حزب البعث هو الحزب القائد للدولة والمجتمع، وبالتالي يجب أن يمتلك القرار من خلال توجيهات القيادة لقطرية وفروع الحزب لأي جسم منتخب في سورية سواء مجلس الشعب أو مجالس المحافظات والمدن.
حلقتنا القادة ستكون تحت عنوان “كيف تجري الانتخابات المحلية وتجربتي فيها”.