غسان الجمعة |
تعدُّ المنافذ الحدودية الرئة التي تتنفس منها أي دولة باعتبارها مفاتيح التواصل مع المحيط العالمي بكل أشكاله وعلى رأسها الاقتصادي كما أنها أحد دعائم الشرعية والسيادة لأن هذه المعابر قبل أن تخضع للنظم والقوانين الوطنية هي محكومة بالقوانين والأعراف الدولية.
مُؤخرًا أعلن النظام السوري مع الحكومة الأردنية إعادة تفعيل معبر (نصيب-جابر) الحدودي وفي الوقت نفسه تم تفعيل معبر القنيطرة مع الجولان المحتل بترحيب إسرائيلي واحتفال للنظام السوري قابله على الجانب الآخر بالتزامن مع تصريحات لوزير الخارجية العراقي بضرورة فتح معبر البوكمال مع العراق.
اللهثان خلف فتح المعابر من قِبل النظام السوري أراد به إيصال رسائل إقليمية ودولية ليفرض شرعنة ذاته من باب السيطرة وسياسة الأمر الواقع، ليقول إن الحياة الطبيعية لسورية عادت من جديد في ظل استمراريته بالسلطة.
كما أنها من جانب آخر خطوة باتجاه تحفيز الدول الإقليمية للبدء بالتطبيع الاقتصادي معه واعتبار هذا التحول انطلاقة لإمكانية إعادة الإعمار وعودة اللاجئين من باب التعايش مع الوضع وعدم المساس به في ظل معارضة دولية وعربية للبدء بتدوير عجلة الإعمار قبل حصول تحول سياسي حقيقي.
المعابر التي افتتحها النظام والأخرى التي يطالب بفتحها وتسويقه لها من باب تحسين الوضع الاقتصادي للسوريين هي مجرد خرافات سمعية تطرق آذان المتابعين، فمن المعلوم أن البنى التحتية و حركة الإنتاج الصناعية والزراعية و حتى التجارية باتت شبه مدمرة و عاجزة عن النهوض بالتصور الذي يفرضه سيناريو النظام، وما الدافع للدول المحيطة بفتح المعابر مع سورية بظروفها الحالية إلا لموقعها الإستراتيجي في الجغرافية الإقليمية كما هو في حالة معبر نصيب (لبنان – الأردن – الخليج) أو كما هو متوقع من فتح المعابر و الطرق الدولية بين سورية وتركيا ضمن تفاهمات (أستانة – سوتشي ).
كما أن المعابر مع العراق قد تخضع للمراقبة الأمريكية (إن سمحت بفتحها) لأنها تمتلك نفوذًا على حكومة العراق وميليشيا قسد بالجهة المقابلة؛ وذلك لإيقاف التمدد الإيراني الذي يجعل من العراق قاعدة عبور إلى سورية.
إن الأهداف السياسية لفتح المعابر بعيدة المنال بالنسبة إلى طموحات النظام السوري لأن المواقف الإقليمية متخندقه خلف أحلاف دولية أكبر من أحلام الأسد، وما مصالحها الاقتصادية إلا ضرورة دفعتها للتعامل مع النظام السوري كقاطع طريق “ترانزيت” فعبور الشاحنات والسلع على ركام الدمار لا يعني صك براءة وضوء أخضر سياسي من قبل المجتمع الدولي.
إن لحظة الحقيقة المتمثلة بالواقع الاقتصادي البائس التي يخشى النظام السوري استحقاقها أمام حلفائه بالدرجة الأولى وأمام موالية بالدرجة العاشرة قد بدأها بنفسه، فالمعابر التي أطلقها النظام لن تسمن أطماعهم ولن تغني جوعهم.