رغيف خبزكان الطفل يحمل الخبز ويضمّه إلى صدره ، ويمشي ، فوقف الرجل ينظر إليه ويتأمله .. ويتساءل : كم ساعة وقف هذا الصغير في انتظار دوره للحصول على الخبز ؟كم ستكفي هذه الأرغفة القليلة عائلة كاملة ؟كم فرداً بقي من عائلته يا ترى ؟ أليس له إخوة أكبر منه يقفون على طابور الخبز بدلاً عنه ؟كم طفلاً بعمره يقفون مثله الآن على الطوابير في هذا البرد الشديد ؟يا الله .. هل كانت الثورة تستحق كل هذه المعاناة ؟لم ينتبه الرجل إلى أن نظره كان طوال هذا الوقت مسمّراً على الطفل ، وكان الطفل يسترق النظرات وجِلاً من تركيز الرجل عليه ، حتى تجاوزه بخطوات .أشاح الرجل نظره عنه ، وغطى وجهه بكلتا يديه من شدة الهم الذي ألمَّ به ، ولم يشعر إلا بالطفل قد عاد أدراجه ووقف أمامه ، وقال له ببراءة مطلقة : عمو ، بدك خبز ؟ إذا جوعان كتير بعطيك هدول وبرجع بوقف عالدور ، معلش أهلي بيستنوا ، أخوي أخد ربطة قبلي وسبقني !فانهار الرجل وسقط على ركبتيه ، وضمّ الطفل إلى صدره ، وأجهش بالبكاء كالمجنون ، وليس بينه وبين صدر الصغير .. إلا رغيفُ خبز..حدث في حلب