أنس جمعة حشيشو
ومن نعماء الله أن يجتمع شرف الزمان والمكان وفضلهما في هذا الشهر الكريم المقبل على أهل الشام عمّا قريب، فينبغي الاجتهاد والسَّعي في الخيرات أكثر ممن انفرد بجهة واحدة من الشرف والفضل فبورك لكم يا أهل الشَّام تلك العطيّات .
ففي ظلِ الشدائد والمحن تتجلى لطائف العزيز العلَّام لتكون برداً وسلاماً على أهل الشَّام رحمات ربي تنزل وأرواح شهدائنا تسمو رقيا, ومجاهدٌ في سبيل الله ماضٍ , باغٍ إحدى الحسنيين .
فتهل على الأرض المباركة أزمنة مباركة ونفحاتٌ رمضانية تهفو إليها أفئدتنا ,تسكن وتطمئن بها أرواحنا العليلة باعثة الأمل من رحم ألمنا وتقول في همسة حانية لابن الشَّام المفعم بالجراح :
أيا مسلماً باع الهوى والملاهيا ….. وأصبح للذِّكر المقدَّس تاليا
فقد ظفرت وربِّ العرش بالفوز والعلى ….. وأحسنت إحساناً وحزت الأماني
فيا باغي الخير أقبل وأعرني سمعك لحظة لنتحضَّر لرحلة الثلاثين يوماً القادمة لأنَّ الطائرة على وشك الإقلاع فهل أنت مستعد ؟
سأقطف لك فيها ثلاث زهرات:
الزهرة الأولى: ومن حلب العز فالخير كلُّ الخير في هذه الأيام ليجدد أهل الشَّام خاصَّة وعموم المسلمين العلاقة مع باريهم وأنَّ رسالة الجهاد ماضية ما بقيت الروح في الجسد تتوارثها الأجيال فيا طوبى للشام يا طوبى للشام .
لكن حريٌ بنا أن نعيد ترتيب أوراقنا لنصحح مسار ثورتنا في أيامٍ عساها تكون أيام نصر وفتح مبين .
الزهرة الثَّانية: فإنَّ بداية الخير تكمن في همسة نصحٍ استعداداً لاستبقال الشهر المبارك:
– صفاءٌ من الشحناء وإصلاح ما أفسده الشيطان من علاقات وأخصُّها علاقتنا مع الباري .
– تجديد التّوبة بألا تكون مجرد تأجيل للذنوب إلى ما بعد رمضان .
– الدُّعاء ببلوغه والإعانة على صيامه وقيامه , فقد كان يحيى بن أبي كثير -رحمه الله- من دعائه ((اللهمَّ سلمني إلى رمضان ,وسلِّم لي رمضان , وتسلمه منّي متقبلاً)) لطائف المعارف\158
– نبذ البطَّالين ومصاحبة أهل الهمَّة .
– التنبه والاحترس من لصوص رمضان (السهر – التليفون – الرياء – التلفاز)
– تفقد المحتاجين من أقارب وجيران وغيرهم لئلا يجتمع عليهم جوع الصّيام وجوع الفقر .
وختامها بالزَّهرة الثالثة: أهديها على وجه الخصوص لمجاهد الشَّام، تعالوا يا نجوم الزَّمان لانتهاز الفرص, واستثمار هذا الموسم لتقوية العلاقة بالله ,وتصفية القلب مما علق عليه من الرَّيْن فرمضان جُنة المحاربين ورياض الأبرار والمقربين ,يعيد للقلب والجوارح صحتها التي سلبتها أيدي الشَّواغل والصَّوارف .
وبحسب كميّة الوقود يكون طول المسير فالنفس تحتاج لوقفات وخلوات ,لزيادة رصيد الإيمان وسكب العبرات بين يدي باريها وخاصَّة في زمن المحن والشدائد ,وكأنَّها أيام الصبر التي أخبر عنها النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ للعامل فيها أجر خمسين من أصحابه \ الترمذي 2984
أخيراً وليس آخراً…أُخيَّ الحبيب … رمضان بين يديك
وما هي إلَّا أيامٌ قليلة من نسائم الرحمات ستمضي مسرعةً ولسان حال الشهر يقول:
ترجَّل الشهر – وا لهفاه – وانصرما ….. واختصَّ بالفوز في الجنات من خدما
من فاته الزرع في وقت البدار فما ….. تراه يحصد إلَّا الهمَّ والندما
فهل من قارعٍ باب الريان !
ولئلا نتحسر على فوات الشّهر في آخره ,فلنتحضَّر لاستقبال أوائله ومن تأمَّل حاله آخر الشهر شمَّر عن ساعد الجدِّ وشدَّ المئزر .
((رغم أنف رجلٍ دخل عليه رمضان ثمَّ انسلخ قبل أن يغفر له)) رواه الترمذي \3545
اللهمَّ بارك لنا في رمضان وتقبل حسن استقبالنا له وأعنَّا على صيامه وقيامه واجعلنا فيه من الأتقياء الأنقياء العتقاء من النَّار , وارزقنا نصراً عاجلاً غير آجل فيه تمكين للمسلمين بتوحيد الصفِّ والكلمة إنَّك وليُّ ذلك والقادر عليه .