غسان الجمعة |
تتناقل مواقع إخبارية رفع العَلمين الروسي والسوري على نقاط في محيط بلدة (عين عيسى)، وذلك بعد مفاوضات بين الروس وتنظيم (قسد)، حمل فيها الروس تهديدات أنقرة باقتحام القرية، استكمالاً لعملية (نبع السلام)، ونتيجة ذلك صارت خيارات الميلشيات ضيقة ومحكومة للتنازل الحتمي، والمفاضلة بين أهون الشرين من منطلق حساباتها في شرق الفرات.
هذه السياسة لعبتها روسيا وتركيا سابقًا في (منبج، وعين العرب)، والآن في (عين عيسى) تقوم على صفقة يخرج منها الطرفان بمكاسب يعتمد كل منهما على الآخر في تحقيقها، وهو ما يحدث في شرق الفرات بين الروس والأتراك.
فعلى الرغم من أن كليهما على طرفي نقيض سياسيًا وعسكريًا في المسألة السورية، إلا أنها ينسقان مع بعضيهما منذ اليوم الأول الذي قررت تركيا التحرك فيه ضد (قسد) شرق الفرات، وهنا برزت حاجة أنقرة للبرود الروسي في تناول القضايا و تضييق الحسابات على (قسد)، بل ضمان حياد الروس في أي مواجهة تخوضها أنقرة هو بحد ذاته نجاح بالخروج من عنق الزجاجة، وهو ما أثبتته عملية (غصن الزيتون) التي أطلقتها تركيا في عفرين ضد (قسد) الإرهابية الانفصالية.
ومن جانب آخر تسعى موسكو للظفر بحصتها من الثروة السورية لقاء أتعابها العسكرية في حماية الأسد، غير أن وجود (قسد) تحت المظلة الأمريكية، ودعم التحالف الدولي، وشرعية القتال ضد تنظيم (داعش) يجعل موسكو تخشى الضغط المباشر على الميلشيات والمواجهة العسكرية معها.
لذلك فإن الروس يجدون في شماعة الهجوم التركي والتحضيرات التركية لأي عملية فرصة لتلقين (قسد) درسًا لاحتمائها بالأمريكي، وتحجيم التنظيم جغرافيًا على الخريطة السورية، وهو ما حدث في (عين عيسى) وقد يحدث في غيرها مستقبلاً، ولن تتدخل الولايات المتحدة في مواجهة الأتراك أو الروس مادامت الآبار النفطية تحت سيطرتها.
سياسة رابح – رابح هي السلة الممتلئة للطرفين في (عين عيسى)، حيث تمكن الروس والأسد من التوغل مجددًا في شرق الفرات على حساب النفوذ الأمريكي دون أي تكلفة، وكذلك تركيا التي استطاعت تحييد التنظيم عن منطقة إستراتيجية و أبعدته عن حدودها دون أي نشاط عسكري عمليًا.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو لماذا لا تُطبق هذه السياسة في مناطق ساخنة بين تركيا وروسيا سياسيًا وعسكريًا مثل الوضع الحالي في إدلب وتعثر اللجنة الدستورية المتكرر؟
كما أن النظام السوري هو شريك المكاسب عمليًا، وعَلمه يرفرف إلى جانب العَلم الروسي عقب كل عملية تنازل لقسد في هذا الظرف، فماذا عن حلفاء الأتراك في المعارضة السورية؟