حمزة العبد الله |
بمستلزمات بسيطة لا تتعدى أكياسًا بلاستيكية وتبنًا وسنابل من القمح، يمكن اليوم زراعة الفطر الذي يزور المائدة السورية في فصل الشتاء.
ولا يعدُّ إنتاج الفطر مكلفًا من الناحية المالية، حيث تبدأ دورة حياته بانطلاق الأبواغ في الهواء منتشرة إلى مسافات بعيدة، وعند توفر الظروف البيئية المناسبة من حرارة ورطوبة تبدأ هذه الأبواغ بالنمو مكونة خيوطًا قطنية تعرف بـ “الميسيليوم” والتي بدورها تنتج حُبيبات صغيرة لا تلبث أن تكبر منتجة الفطر، ولا تستغرق دورة الإنتاج أكثر من أسبوعين ليصبح الفطر جاهزاً للقطف.
في محافظة إدلب لجأت الكثير من العائلات السورية إلى زراعة الفطر الزراعي في ظل ما تعيشه المنطقة من حالة ركود اقتصادية تتطلب البحث عن مورد جديد يساعد العائلة في تأمين ما تحتاجه، حيث يزرعونه في أقبية المنازل والغرف البلاستيكية والكهوف والمغاور التي تتلائم أجواؤها مع شروط نمو الفطر.
وحول طريقة زراعة الفطر التقينا المهندس الزراعي “مصطفى الإسماعيل” الذي تحدث لصحيفة حبر عن زراعته بقوله: “في البداية لابد من توفر مستلزمات أساسية حتى تبدأ عملية الزراعة المكونة من تجهيز الوسط المراد الزراعة فيه، واختيار البذور المناسبة والمكان المناسبين، وتكون البداية بنقع التبن بالماء في وعاء كبير على درجة حرارة (60-80 مْ) بهدف ترطيبه وتعقيمه لمدة ساعة، بعدها يصفى التبن من الماء بحيث يبقى محتفظًا برطوبته وتخلط أبواغ الفطر مع التبن خلطًا جيدًا، ومن ثم يعبأ التبن المخلوط بالأبواغ بأكياس النايلون الشفافة ثم تربط بعد أن ترصّ جيدًا.”
وحول فترة الحضانة، يؤكد الإسماعيل أنه يجب نقل الأكياس إلى مكان مظلم لمدة لا تقل عن عشرة أيام على درجة حرارة (20 – 25 م) ْ ورطوبة من (85-90 %). ويشير إلى أن مرحلة نمو الفطر تبدأ بعد امتلاء الأكياس بالخيوط القطنية وتكون بعد (10-12) يومًا من تاريخ الزراعة، وبعد ذلك يتم خفض درجة الحرارة بشكل مفاجئ بحيث تصل إلى أقل من 16مْ ويمكن أن تُخفض درجة الحرارة بزيادة سكب الماء البارد على الأرض داخل الغرفة، وتتم بعدها عملية تعريض الأكياس للإضاءة، وتهوية غرفة الزراعة لاستبدال الهواء الموجود بهواء نقي يوميًا عن طريق فتح الأبواب والنوافذ، وتستمر عملية النمو من (10-12) يومًا أخرى تتكون خلالها حبات صغيرة تشبه حبة العدس تكبر تدريجيًا لتكون الفطر.
وبعد الانتهاء من عملية الزراعة، يتم الانتقال مباشرة إلى قطفه ومن ثم تعبئته في صناديق خشبية أو بلاستيكية من أجل بيعه في الأسواق والمحال التجارية، ويباع الكيلو غرام الواحد من الفطر حسب نوعيته، حيث يتراوح سعره بين 1400 إلى 2000 ليرة سورية للنوع الممتاز.
ولا يقتصر إنتاج الفطر على زراعته في الأقبية أو البيوت البلاستيكية، بل ينتشر بشكل كبير في الأراضي الحراجية والزراعية، ويفضل قسم كبير من الأهالي البحث عنه بأنفسهم بدلاً من شرائه من الأسواق التجارية، حيث يعدُّ الفطر الموجود في هذه الأراضي فطرًا طبيعيًا، وهو ما يزيد من رغبة الأهالي بالبحث عنه.
في فصل الشتاء، نجد يوميًا بعد الأجواء الضبابية، دائمًا العشرات من الشباب والأطفال في البراري يبحثون عنه رغم الأجواء الباردة.