أجلس وحيدة بعيدة عن العيون، أشكو للعزلة مرارة شوقي لطفلي، ذاك الصغير راح ضحية لخصامي مع والده، تتراود في مخيلتي ثلاث سنوات قضيتها في عشِّ الزوجية كانت بنكهة العنف. نفيت من ذلك العشِّ لأعيش في المجتمع تحت لقب مطلقة لا يتجزأ عند ذكر اسمي.
ربما تصيبك الدهشة عندما أقول عمري 17 عشر عاما. لكنك ستندهش أكثر عندما تراني وعندما تسمع قول الناس: “أيعقلُ أن تُطلَّق فتاة بهذا الجمال؟!”. نعم، وخاصة إذا كان القرين ضابطاً رفض أن يقلص نفسه إلى حجم الزوج، فغمر قلبَه حبُّ النفوذ والسيادة حتى مع زوجته.
كنت أعيش حياتي بشكل طبيعي روتيني من البيت إلى المدرسة، ألعب بالدمى ولا أرى من الحياة إلا وجهها البريء، ما إن وصلت سنَّ الثانية عشر بدأت ثمار الجمال الأنثوي تنضج في ملامحي، وبدأ بابي يطرق من أبهى الشخصيات، أصبحت وردةً يتمنى الجميع أن يقطفها إلى أن اشتم عبقها رجل ثلاثيني بزي بني مبرقع وشارة نسر انتصبت على كتفه، عاقد الحاجبين بعيون خضراء خطفت قلوب الكثيرات إلا أنها لم تلحظ غيري.
استحوذت مكانته على عقل والداي ووافقوا بسعادة، جاء يوم زفافي وذهبت إليه بفستاني الأبيض وأنا لا أعلم عن الزواج إلا تخيلات طفولية بريئة، مرت أول فترة قصيرة على زواجنا بسلام،
وما هي إلا أيام حتى أصبحت كعسكري أخدم عنده. كم من مرة اختبأت بغرفتي لكيلا تفضح معالمي للناس ما كان يدور خلف الأبواب المغلقة، لم يشفع لدموعي وصرخاتي، حملت منه وكنت على أمل أن يكون ذلك سبيل لنزع الزي الحربي من قلبه، جاء طفلنا الأول ولم يكن ذلك جديرا بحل عقدة زوجي التي هي “أنا ضابط”. غضب مني ذات يوم لسبب ليس جديرا بالذكر، كانت عقوبتي كأسا من الماء ضُربت به على وجهي وتأذَّت عيني، علموا أهلي بذلك، وهنا دقت ساعة الفراق وكان ابني شيئا من أشياء خسرتها بخلعي.
ربما تلومني لأنني تنازلت عن ابني، لكن فعلت ذلك مكرهة، فكم أفتقد زوجي! فأنا دائما أسمع أن الفتاة تنزل أسهمها إن طُلقت، كأننا في سوق بورصة.
يا من تقرأ كلماتي هل تراني مذنبة؟ قبل أن أتزوج كنت أشاهد “نور ومهند” و “كوشي وأرناف” واعتقدت أن الزواج أحلام وردية. كنت أظن أنني سأعيش مثلهم، أم تلوم أهلي الذين زوجوني منه بسن صغيرة؟ فكل الناس قالوا لأهلي حينها: “ولك إذا بتعطوا بتعيش بنتكن أميرة!!”