ما هو الدين؟ وما هي طبيعته؟ ما الذي يأتي به الدين ولا تأتي به الفلسفة من الناحية النظرية؟الفلسفة عمل تأملي يضيف أبعادا على كل اختيار ..يربط، ويفسر، ويؤطر. فالدين يستفيد من ذلك النوع من التفكير، والتصورات الأرضية تستفيد من ذلك النمط من التفكير.والسؤال بعدها يصبح مختلفا وهو: ما الذي يأتي به الدين ولا يستطيع الإنسان أن يكتشفه بعقله؟ ذلك هو سبب نزول الأديان. هو الكشف عن الأبعاد الأخرى للوجود والتي تؤثر على مصير الإنسان وعلى تصوره.فالإنسان يرى من الحياة بعدها المادي، وربما وضع تصورات لبعدها الغيبي الذي يستشعر حاجته ولكنه لا يعلم تفصيلاته. وهو لا يعلم ما علاقة ذلك الغيب به، ولا يعلم أن حياته في الدنيا جزء من الطريق وليست كل الطريق، فهو ليس مخلوقا فانيا بالمعنى المادي الصرف، بل هو روح ستنتقل لعالم آخر وتكمل مسيرتها، وهي نفس محاسبة على عملها في الدنيا، خالدة بحسب أدائها.فالدين منظور شامل، وعند من يؤمنون بصدق الرسالات هو حقائق عليها مترتبات كبيرة تؤثر على تصور الإنسان لطريقة عيشه في الدنيا (صبغة الله ) ..أما من لا يؤمن واختار منظورا شاملا آخر فبإمكانه أن يستمتع في الدنيا كما يشاء ولكن بحسب الدين هو غافل عن البعد الآخر ولن ينفعه الاعتذار بجهله حينها، فطبيعة الدين أنه يقدم منظورا شاملا بديلا عن مناظير أخرى قائمة مثل (منظور الصدفة، ومنظور الإله الذي خلق وترك، ومنظور اللاأدرية، ومنظور لا أهتم) والتأمل العقلي قد يصل لفكرة المحرك الأول ولكنه يعجز بعدها عن تحديده، وهو قد يرى أن هناك غاية من الوجود ولكن يعجز عن تحديدها، وهو قد يعرف أن الإنسان يختلف عن المخلوقات بأشواقه الروحية ولكنه يعجز عن معرفة وظيفة هذا الاختلاف، وبعدها لا يعرف عن حقائق ما بعد الموت شيئا ، وهو يعجز عن تصور علاقة كل ذلك بالحياة المادية.تلك هي وظيفة الدين وبعبارة قصيرة وضع الإنسان أمام كامل الرحلة وتحميله مسؤولية قراره.