أحمد جعلوك
كلمتان أصبحتا شبحا يطارد الحلبيين في يقظتهم و نومهم منذ أكثر من عام، حتى اعتادوا عليه وأصبح جزءًا من حياتهم اليومية.
ستحاصر، لن تحاصر، جدل طويل يدور حول ذلك، ولكن دعونا نعود بالزمن قليلاً إلى الوراء عندما كان النظام في المدينة الصناعية (الشيخ نجار) ولن أقول قبل المدينة الصناعية عندما كنَّا نسيطر على مناطق شاسعة، فالذي حدث أنَّ النظام بدأ بالتقدم واستعاد منطقة الشيخ نجار الثالثة ثمَّ الثانية فالأولى، وتابع تقدمه فسيطر على حيلان والسجن المركزي والمنطقة الحرة وسيفات ثمَّ باشكوي، وبعد عمليةٍ خسر فيها الكثير عندما دخل رتيان وتل جبين وحردتنين واستعاد الثوار حينها هذه المناطق، عاود هجومه عليها بعد فترة وسيطر على هذه المناطق، وبعد أن قام بتأمينها دفاعيا، تابع زحفه ليسيطر على مسقان ومعرسة الخان، تلاها ماير وكفين، وتوَّج هذا الزحف الذي سماه بدبيب النمل بوصوله إلى نبل والزهراء المحاصرتين منذ بداية الثورة، ولم يكتفِ بذلك، بل تابع وخرج من نبل والزهراء وسيطر على قرية الطامورة لينقل المعركة من أرضه إلى أرض الثوار.
عملية استغرقت من النظام أكثر من عام، ولكنَّه حقق هدفه في النهاية، وأنظار الثوار كانت متوجسة وحالها يقول: إنَّ النظام يعمل على حصار حلب، ولكن ذلك في الحقيقة لم يكن هدفه.
فمنذ أيام حاول النظام التقدم باتجاه مخيم حندرات، وسيطر على بعض النقاط، وبفضل الله استعاد الثوار هذه النقاط، وبدأنا نرى التهليل ومقاطع اليوتيوب التي تتحدث عن خسائر النظام التي تكبدها في هذه النقاط، ولكن على ماذا هذا التهليل! على نقاط حررناها ثمَّ خسرناها ثمَّ استعدناها؟!
وقبل ذلك كانت هناك عملية من قبل غرفة عمليات فتح حلب، والتي سيطروا بموجبها على منطقة الفاميلي هاوس، وتلة مهنا، ومزارع الأوبري، ولكنَّهم لم يلبثوا أن انسحبوا منها؛ وذلك لعدم وجود مبانٍ يتحصن فيها الثوار، ثمَّ كثافة الغارات من قبل النظام والروس.
ما أريد قوله: إنَّ النظام لا يريد حصار حلب، ولو أراد ذلك لفعل ومن أكثر من محور، فلم يتبق بعد قرية الطامورة التي سيطر عليها شمالاً سوى قريتين، وبسيطرته عليهما _لا قدر الله_ يحاصر الريف الشمالي وحلب، ويستطيع ذلك أيضا من منطقة مخيم حندرات، ولكنَّه تعلم من حصار حمص سابقا، فهو يعمل على خطة استراتيجية وهدف محدد، ويضع كل الإمكانيات لتحقيقه، فلو أطبق الحصار على حلب سنسمع أخبار التوحّد بين الفصائل، وسنسمع أخبار إعلان المعارك من عدة محاور لفك الحصار، وهذا ما لا يريده النظام؛ لأنَّه يؤرق هدفه الاستراتيجي.
حلب ستحاصر إذا بقينا نعمل دون هدف بعيد وتخطيط استراتيجي، ستحاصر إذا بقينا نعمل بعواطفنا ونعلن المعارك بناءً على العاطفة وليس بناءً على الهدف، ستحاصر إن بقينا مشرذمين وكلٌ يغني على ليلاه، ستحاصر إن بقينا ننظر إلى النظام أثناء سيطرته على نقاط، ونهلل ونفرح لاستعادنا نقاط محررة من الأساس.