مريم إبراهيم |
تستيقظ (لميس) من ريف إدلب الجنوبي كل يوم على همٍّ جديد هو: “أين ستمضي الأيام المقبلة هي وأطفالها” خاصة أن الشتاء على الأبواب، فبعد أن قضى زوجها في المعارك الأخيرة شهيدًا نزحت لميس مع أهل زوجها إلى المخيم المجاور لبلدة الفوعة التابع لبلدة بنش.
تقول (لميس 34 عامًا): “استشهد زوجي منذ خمسة أشهر، ومازلت أسكن مع أهله، وهذا يشكل عبئا حقيقيًا عليَّ وعلى أطفالي، فالخيمة التي نسكن بها لا تكاد تتسع لنا، وأطفالي صغار ولا ملاذ لنا سوى أهل زوجي، سمعت بالسكن الذي يقومون بإنشائه وذهب عمي إلى المسؤول عنه، وقام بالتسجيل لي على غرفه، فالشتاء على الأبواب، وهذه الخيمة لا تقينا حرَّ الصيف فكيف ستقينا برد الشتاء؟! أتمنى أن يصبح السكن جاهزًا قريبًا، حتى أنتهي من معاناتي، فبعد موت زوجي لم يتبقَ لي أحد هنا في سورية، فأهلي بتركيا منذ بداية الأحداث، وعمي لا يستطيع أن يعيلني وأبنائي.”
ليس حال لميس هو الوحيد في ريف إدلب، فهناك العديد من النساء اللواتي لا يجدنَ مكانًا يكون مأوى لهنَّ، فما هو المشروع السكني الذي تحدثت عنه لميس؟
صحيفة حبر التقت المهندس المدني (سليم قصاص50عامًا) مدير منظمة (كهاتين لرعاية الطفولة) في مدينة إدلب التي تدعم مشروع سكن الأرامل، والقائم على مشروع الإيواء السكني، الذي حدثنا عن بدايات المشروع بقوله: “بعد حركة النزوح الأخيرة والتهجير القسري للأهالي، بدانا بالبحث في مدينة إدلب عن مكان مناسب لبناء وحدات سكنية نواجه بها ما استطعنا حركة النزوح الكبيرة لكننا لم نجد، وبعد بحث مكثف وجدنا أرضًا وقمنا بتجريفها وتسويتها وبدأنا ببناء الوحدات السكنية عليها . حاليًا نضع كل جهدنا لإنهاء المشروع في غضون الأسابيع القريبة المقبلة، لكي نقوم بإيواء الأرامل.”
وعن المرحلة التي وصل إليها المشروع أوضح قصاص: “تم تجهير 25شقة سكنية، وهي وحدات مغلقة لا يسمح للرجال بالدخول إليها، ولها منافع مشتركة، ولها دعم خاص من سلل غذائية وكفالات مالية وتدفئة، ومشروعنا على مراحل، فبعد انتهاء المشروع الأول سنحاول إجراء المشروع الثاني من بناء وحدات إضافية، لتغطية أكبر عدد ممكن من الفئة الأضعف في المجتمع ألا وهي فئة الأرامل واليتامى.”
أم أمجد40 عامًا من بلدة الزكاة من ريف حماة الشمالي تقول: “لم يبقَ مُرٌّ منذ بداية الثورة لم نذقه، فقدت زوجي وأبنائي الاثنين بالقصف والمعارك، لم يتبقَ لي سوى ابنتي اللتين أصبحتا في سن الزواج، وأنا أبحث لي ولهنَّ عن مأوى، فكلام الناس لا يرحم، وفي سكن الأرمل سيكون هناك إن شاء الله درعًا يقينا كلام الناس ومرارة الأيام، وسنصبر على ألم الأيام، لعل فجرًا جديدًا يشرق على أمتي، لن أكون مرتاحة أبدًا خارج منزلي حتى لو سكنت قصرًا، ولكن هذا ما فُرض علينا والحمد لله رب العالمين.”
تختم كلامها أم أمجد بتنهيدة وعزم كعزم الرجال، وصبر كبير على ما عانته هي وكثير من الأمهات والزوجات اللواتي فقدنَ أولادهنَّ وأزواجهنَّ في غياهب المعتقلات أو وضعنَ من أحببنَ تحت التراب، وتابعنَ مسيرة حياتهنَّ بعزم وأمل، الأرمل مُربيات الأبطال وزوجات الأبطال، هنَّ الفئة الأكثر احتياجًا في هذا الوقت، ولعل هذا السكن الجديد يكون لهنَّ عونًا على مُرَّ الحياة.
1 تعليق
Pingback: اكتمال مشروع سكن الأرامل في ريف إدلب | صحيفة حبر