حمزة العبد الله |
“أفضِّل العودة إلى منزلي وقريتي المنكوبة على البقاء في مخيمات النزوح، فالوضع بات لا يحتمل”، بهذه العبارة بدأ (معاذ سرتح) نازحٌ من بلدة “حاس” حديثه لصحيفة حبر عن الواقع الحالي للنازحين في مخيمات الشمال السوري، الذين يعانون من أوضاع مأساوية صعبة بالتزامن مع سوء الأحوال الجوية وانخفاض دراجات الحرارة بشكل كبير تزامناً مع العواصف المطرية التي تضرب المنطقة.
المخيمات تفتقد إلى أبسط مقومات الحياة، فغالبيتها عشوائية لا يوجد فيها بنى تحتية كالطرقات وشبكات الصرف الصحي، وما يزيد “الطين بِلة” ارتفاع أسعار المحروقات وفقدانها من الأسواق بشكل كبير، بالإضافة إلى غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
ونتيجةً للعواصف المطرية التي ضربت المنطقة مؤخراً وثق فريق منسقي استجابة سورية تضرر 42 مخيماً في الشمال السوري خلال العاصفتين المطرتين الأولى والثانية، فخلال العاصفة الأولى تضرر 13 مخيمًا وما يقارب 2400 عائلة، وفي العاصفة الثانية تضرر 29مخيمًا وما يقارب 3126 عائلة.
(محمد محلاج) مدير فريق (منسقي استجابة سورية) يقول لصحيفة حبر: “الفِرق تعمل بشكل متواصل لإحصاء وحصر الأضرار في المخيمات المتضررة رغم الصعوبات التي تواجهنا نتيجة استمرار الهطولات المطرية الغزيرة”.
ويضيف محلاج” قائلاً: “إن الأوضاع في المخيمات تسوء يوماً بعد يوم، حيث تم إحصاء تضرر 18 مخيمًا، خصوصًا أن غالبية المخيمات المتضررة يعود تاريخ إنشائها لبضعة أشهر، أي أنها تفتقر إلى المقومات والبنية التحتية المناسبة، وللأسف فإن تدخل المنظمات الإنسانية لا يتوافق مع حجم وهول الكارثة، فأعداد النازحين تتضاعف بين الحين والآخر بسبب استمرار العمليات العسكرية”.
ودعا فريق (منسقي استجابة سورية) المنظمات والهيئات الإنسانية إلى الإسراع في العمل من أجل التخفيف عن النازحين من خلال الحلول المتمثلة في “البدء بتجفيف الأراضي داخل المخيمات وسحب المياه وطرحها في الوديان والأنهار وشبكات الصرف الصحي، والعمل على حفر خنادق حول المخيمات وكل خيمة، ومن ثم الانتقال إلى تبحيص ورصف الطرقات وإنشاء شبكات جديدة للصرف الصحي”.
ويعتبر مخيم الضياء2 واحداً من المخيمات التي تضررت بشكل كبير نتيجة الهطولات المطرية الغزيرة، ويفتقد المخيم بشكل أساسي إلى الطرقات المخدَّمة وإلى شبكةٍ للصرف الصحي.
(عماد الدين فرحات) مدير المخيم يقول لحبر: “إن مخيم الضياء 2 يعاني من مشاكل جمة وكثيرة، ولعل أبرزها الطرقات داخل المخيم، فجميعها غير معبدة ومخدَّمة، بالإضافة إلى التلوث الحاصل نتيجة شبكة الصرف الصحي المكشوفة، ويبلغ عدد قاطنيه 550 عائلة نازحة أغلبهم من ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي”.
ويضيف الفرحات قائلاً: “منذ بداية فصل الشتاء ناشدنا المنظمات والهيئات الإنسانية لتبحيص ورصف الطرقات داخل المخيم فجميعها تمتلئ بالحفريات والمطبات والأوساخ والأتربة، لكننا للأسف لم نحصل على أي استجابة، وهذا ما أثر على المخيم بشكل كبير، فمياه الأمطار غمرت أجزاء كبيرة وشلت الحركة من وإلى المخيم”.
معاناة النازحين مستمرة ولا حلول في الأفق
بعد كل عاصفة مطرية تتكرر الأحداث نفسها، مخيمات تغمرها المياه ونازحون ينتظرون من يمد لهم يد العون في وقت تتزايد فيه معاناتهم في ظل الأحوال الجوية السيئة وانخفاض درجات الحرارة، فغالبية سكان المخيمات لا يستطيعون شراء المواد الأساسية للتدفئة كالمازوت غير المتوفر في الأسواق أو الحطب الذي ترتفع أسعاره بشكل كبير، بل يعتمد كثير منهم على استخدام الألبسة والأحذية وغيرها في تدفئة خيامهم التي لا تقيهم برد الشتاء وقساوته.
(معاذ شرتح) النازحٌ من بلدة “حاس” يقول لحبر: “هذه الخيم المتضررة بفعل الأمطار لا تقينا حرارة الصيف ولا برودة الشتاء، ماذا نفعل وقرانا غير آمنة؟ الوضع بات صعباً ولهذا أفضل العودة إلى بلدتي المدمرة”.
في كل عام يتكرر في فصل الشتاء غرق المخيمات، ومع ذبك يتم استحداث مخيمات بالقرب من الحدود التركية لتلافي أزمات النزوح المستمرة إلى الشمال السوري منذ أعوام.
ويبلغ عدد المخيمات في الشمال السوري قرابة 1153، 242 عشوائية ويقطن داخلها ما يزيد عن المليون نازح من مختلف المدن والمحافظات السورية.
وتسببت الحملة العسكرية الأخيرة على منطقة خفض التصعيد المشمولة بريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي إلى نزوح الآلاف وماتزال موجات النزوح مستمرة جراء القصف الذي لم يتوقف.