دلال الياسين |
لا يأس مع العمل والإصرار على تحقيق الأهداف، هكذا بدا الأمر مع السيدة (نجلاء ناصيف) 31 عاماً من بلدة الجانودية في ريف إدلب الغربي. التحقت بكلية الحقوق في جامعة حلب سنة 2007، لكن بسبب ظروف الحرب كحال العديد من الطلبة، لم تستطع تقديم بعض المواد المتبقية في الجامعة.
قصة (نجلاء) بدأت مع الأطفال لحبها الشديد لهم وتعلقها بهم، لدرجة أنها فتحت لهم روضة في منزلها وبدأت مع عدد قليل، وفي ذلك تقول: “عندما كنت أشاهد الأطفال الصغار كنت أفرح كثيراً، وأحبهم، وهذا ما شجعني على افتتاح روضة لهم في بيتي أسميتها (روضة الياسمين).”
وتضيف (ناصيف): “حين انطلقت الثورة أصبح من الصعب ذهابي إلى مناطق سيطرة قوات النظام لصعوبة الطريق ولكثرة الحواجز، والمسافة أصبحت بعيدة ومكلفة، فضلًا عن خوف أهلي عليَّ، لكن هذا لم يحبط معنوياتي بل زاد إصراري، بدأت أهتم بأشياء كثيرة لتحفيز الأطفال وحثهم على الاستمرار والنجاح في دراستهم.”
وتتابع (ناصيف): “تقدمت للعمل في أكثر من وظيفة ولم أوفّق، لكن لم أيأس وهذا زاد طموحي وإرداتي وإصراري، بدأت أطوّر نفسي أكثر فأكثر من خلال عدة تدريبات قمت بها، وبعدها تقدمت إلى وظيفة وقبلت فيها.”
ولكن (نجلاء) لم تستطع ترك الأطفال، بل عملت على التنسيق بين عملها في المنظمة والروضة، كانت تنهي دوامها في الوظيفة لتعود إلى عالمها مع الأطفال، وكانت تنسى تعبها حين تشاهد فرح الأطفال.
شهدت الروضة التي افتتحتها نجلاء ناصيف إقبالاً في بلدة الجانودية، حيث بلغ عدد الطلاب أكثر من ٧٥ طالبًا وطالبة بمساعدة أخيها الذي كان يدرس تخصص رياض الأطفال، كانت تقوم بتدريسهم ومساعدتهم والترفيه عنهم.
ويثني أهالي المنطقة على عمل (نجلاء ناصيف) التي كرست كل وقتها وجهدها في سبيل تفوق الطلاب والطالبات في كل مجالات التدريس.
(نجلاء) وحيدة أهلها، طموحها وإصرارها كان أكبر من كل الصعوبات التي واجهتها، تمكنت أخيراً من الانتقال بروضة الأطفال إلى تأسيس مركز لتعليم وتأهيل جميع الفئات العمرية دون أي دعم، وأسمته (مركز نواة) رغم أن فكرة المركز الخاص ليست بالأمر السهل، فهي تتطلب خبرة كبيرة ودعم، ولكنها استطاعت من خلال دورات تأهيل أن تطور نفسها.
يقدم (مركز نواة) الذي أنشأته دورات تدريبية ودورات تأهيل وتمكين المرأة والشباب بشكل عام، ويهدف المركز إلى إخراج النساء من الصورة النمطية وفتح مجالات جديدة أمامهنَّ للعمل في مختلف مجالات الحياة، إضافة إلى ذلك هناك لقاءات وجلسات مستمرة للنساء النازحات والمهجرات وهي عبارة عن جلسات تعارف ولتخفيف أكثر من معاناة النزوح.
تطمح (ناصيف) أن تطور مركزها لتفيد أكبر عدد من النساء وتكمل دراستها العليا التي تطمح من خلالها أن تصبح قاضية في المستقبل وتقول: “أنا عندي طموح كبير إن شاء الله سأحققه وإرداتي قوية.”
تختم (نجلاء) حكايتها بقولها: “بدعم أهلي وإخوتي ووقوفهم معي استطعت افتتاح مركزي الخاص، وبغياب أي جهة داعمة، وسأكمل المشروع الذي بدأت فيه واليوم أصبح عمر المركز خمسة أشهر ونصف الشهر.”