نحب الحزن، ونعشق المأساة، ونلتف حول البؤساء، ونشتهي المصيبة التي تجعل منّا أبطالاً، فأجمل أغانينا عن فقد الأحبة، وأعظم أفلامنا عن استشهاد الأبطال، وأحلى رواياتنا وقصصنا تلك التي تتحدث عن دموع امرأة ما، أو عن عذابات شعب مضطهد، حتى في قصائدنا وشعرنا الغنائي الحماسي، صرنا بحاجة لما يجعلنا نحزن، لأننا منذ عصور نحتاج للحزن، .. حتى الابتسامة صاغها تراجيدي ما بأنها آخر تعابير الألم، والطير يرقص مذبوحاً من الألم، فلا تحسبوا ابتساماتي لكم فرحاً … يا للمصيبة !!
كيف ستولد الانتصارات، ونحن نخاف من الفرح، كيف ستنتهي الأزمات ونحن نخشى أن نفقد القهر الذي نستمد منه طاقتنا طلباً للانتقام، كيف ستكبر ابتسامات أطفالنا، وهم يدرسون عن الألم المبدع، وعن جمال العيون الباكية، وكيف ستولد الحياة ونحن لا زلنا نعتبر الضحكة في مقام الموت خيانة ..
أنا لا أدعي أن الإنسان لا يحزن، ولكن من الخطأ أن يكتنفه الحزن، فدائماً ما كانت عبارات الألم في ثقافتنا تنتهي بقولهم، فصبر جميل عسى أن يكون خيرا، وتستمر الحياة بكل ثقةٍ وأمل بصناعة الفرحة الكبرى
هنا .. نعيش في قلب الموت، نتجرع أشدَّ أنواع العذاب، نتجرع المأساة يومياً، .. ولكن ما الحل؟؟! هو خيارنا، ثمن الكرامة الذي أصررنا على استعادتها، أمانة من رحلوا، وصورة الغد المشرق الذي أقسمنا على رسمه للقادمين، فعلى ماذا النحيب، وأيّ ناحبٍ سيستطيع الصمود أمام واقعٍ كهذا، أيّ دموعٍ بإمكانها أن تغسل وجعاً كهذا، وأيّ صدرٍ سيستطيع أن يحتوي قهراً كهذا …
كلما تزرعه بضعفك هو عدوى تنتقل لمن يراك ضعيفاً .. فكونوا أقوياء ليصير المجتمع قوياً بكم، وتصدقوا بالابتسامة فهي تمنح الأمل والرضا والعزيمة والصبر لمن يشاهدها على وجهك ..
لا خوف عليهم ولاهم يحزنون .. حلب سننتصر
المدير العام / أحمد وديع العبسي