غسان الجمعة |
تُواصِل الولايات المتحدة دعم قواعدها في الشرق الأوسط عبر أسطولها الجوي عقب قتلها لقائد فيلق القدس الإيراني ذي النشاط الإرهابي الواسع في المنطقة العربية في وقت تستمر فيه الردود الإيرانية بالتهديد والوعيد للولايات المتحدة وحلفائها لتوجيه ردٍّ قاسٍ في (الوقت والمكان المناسبين).
إيران التي تتغنى بنفسها على اعتبار أنها قائدة ما يسمى بمحور المقاومة، هي أمام خيارين أحلاهما مرّ، فإما أن تبدأ بنشاط عسكري يستهدف الولايات المتحدة وهو ما سيكلفها الكثير، أو أن تصمت عن الردّ بجعجعة إعلامية وإجراءات سياسية ودبلوماسية ستُظهرها للعلن، وبوضوح هذه المرة، أنها نُمَرٌ من ورق وأن شوكتها قد كسرت في المنطقة.
سيناريوهات الشروع بالرد العسكري قد يكون الأول بالنسبة إلى الإيرانيين من العراق الذي يعيش حالة احتقان شعبي من السياسة الإيرانية فيه، فهو المكان الأنسب للعمليات الخاطفة المحدودة حيث تتشابك القواعد الأمريكية بالمعسكرات الإيرانية جغرافياً، غير أن هذه الخطوة قد تكلف الإيرانيين حرب استنزاف مرهقة مع الأمريكيين الذين يعتمدون بشكل كبير على قوات البيشمركة التابعة لما يسمى (كردستان العراق) التي تحمل حنقاً كبيراً على المقتول سليماني وميليشياته التي طردت البيشمركة من كركوك وحجمت دورها السياسي والاقتصادي والعسكري في الساحة العراقية، والبيشمركة أكثر تنظيماً وتسليحاً من ميلشيا الحشد الشعبي الموالية لإيران.
ومن جانب آخر فإن المكون العربي السني المدعوم من دول الخليج قد تحركه السعودية ضد الأهداف الإيرانية، فسفارتها عادت للعمل بالعراق في السنوات الأخيرة لإعادة احتضان هذا المكون وادِّخاره لمثل هذا اليوم بعد أن عانى من التغلغل الإيراني بشكل طائفي ممنهج بسياسة القتل والخطف والتهجير بأذرع إيران وميليشياتها.
في حال اختارت إيران ردَّها على الأراضي العراقية ستكون معركة مغلقة بحدودها، وآثارها مهولة على العراقيين لأنها ستكون حرب وكالات قد تتحول بسرعة إلى حرب طائفية في خدمة الإيرانيين والأمريكيين وهو الأقل كلفة على الجانبين.
أما الخيار الثاني فهو توجه إيران لتحويل الخليج العربي لساحة معركة لا سيما وأنها تضمر الشر لهذه الدول التي تتمتع بثراء اقتصادي توظفه الولايات المتحدة لمواجهة إيران، كما أن عدد وعتاد الأمريكيين في هذه الدول هو أهداف مثالية لذراعها الصاروخية، غير أن هذا السيناريو سيؤدي إلى تدمير البنية التحتية للإنتاج النفطي في كلا الطرفين وسيخلق أزمة عالمية في الحصول على مصادر الطاقة لن تتوانى الولايات المتحدة في استغلالها للقضاء على النظام الإيراني من خلال تأليب المجتمع الدولي عليها في عالم نهم للنفط والغاز.
أما سيناريو المواجهة على جبهة الكيان الصهيوني في كل من سورية ولبنان فهو وارد لكن ليس بالقدر الذي يجنح به الطرفان لمواجهة واسعة، بالإضافة إلى أن روسيا تلعب دوراً نشطاً في المنطقة مع إيران وتستطيع كبح جماحها بسهولة وقد أرسى نتنياهو قواعد التعامل لهذا السيناريو منذ تدخل الروس في سورية.
الحقيقة التي يدركها الإيرانيون هي أنهم ما سيكيلونه للأمريكيين بصاع سيرد عليهم بصاعين بالقدر والنوع الذي تختاره طهران لنفسها. فهل سيصرخ النظام الإيراني صرخة موته أم أنه سيتعامل بالنفس الطويل ودبلوماسية استعراض قوته العسكرية (بورشات) الحدادة والمطالبات المليونية بموت الشيطان الأكبر (أمريكا)؟!