بقلم : إسماعيل المطيرلم أكن أنوي الخوض في حديث استهلك كثيراً خلال الأيام الماضية عن تلك الصحيفة القذرة “شارلي إيبدو” التي ترفع شعار “حرية التعبير”، ذلك الشعار الذي ظهر أن معناه الحقيقي هو: “أنَّ لكل إنسانٍ الحق في التعبير عن حقده على الإسلام بالطريقة التي يراها مناسبة”ربما يعترض البعض على كلامي عن الصحيفة وعن “حرية التعبير” بحجة أنَّ للصحيفة رسومات أخرى غير الرسومات المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد طالت رسوماتها الديانات السماوية الأخرى، ثم طالت شخصيات سياسية واجتماعية غربية، وهي بالتالي لم تكن -فيما يبدو-تتعمد الإساءة إلى الإسلام بالذات، وإنَّما انتهجت سياسة إثارة البلبلة والجدل، من أجل تحقيق الانتشار والشهرة، وجني الأرباح الطائلة من وراء ذلك.على هؤلاء أردُّ فأقول: صحيح أنَّ الصحيفة طالت بإساءاتها كل ما سبق ذكره، ولكن إساءاتها تلك لا تبلغ مقداراً ضئيلاً مقارنة بإساءاتها المتكررة للإسلام، ومع ذلك فقد أغلقت الصحيفة مراراً وطرد بعض رساميها بعد أن طالت الرسومات شخصيات سياسية غربية، فقد قامت السلطات الفرنسية بإغلاقها مؤقتاً عام ١٩٧٠م بعد أن أساءت لرمز فرنسا “شارل ديغول” بعد وفاته في ذلك العام، ولم تعتبر الحكومة الفرنسية أن تلك الرسومات تمثل حرية التعبير عن الرأي.وطرد أحد رساميها عام ٢٠٠٩م بعد أن طالت رسوماته ابناً لنيكولا ساركوزي رئيس فرنسا آنذاك، وذلك بعد أن اعتنق الديانة اليهودية، ولم تعتبر رسوماته تعبيراً عن الحرية الفكرية كذلك.ومع ذلك فقد استمرت الصحيفة بممارسة “حرية التعبير” من خلال رسوماتها المسيئة للإسلام دون رادع أو قيد.على كل حال فقد كشفت إساءات الصحيفة للإسلام ولشخص النبي صلى الله عليه وسلم، حالة الضعف والابتعاد عن دين الله في المجتمع الإسلامي عموماً.والأمر ذاته قد كشفته سابقاً الإساءات المتكررة من الصحف الدانيماركية لرسول صلى الله عليه وسلم.لم يبد المسلمون أيَّ ردِّ فعل حازم تجاه ما حدث وما يحدث حتى الآن، وكأنَّ الأمر لا يعنيهم، فلم نر أو نسمع سوى مظاهرات واحتجاجات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع العلم أنَّ ذلك لا يجدي نفعاً سوى تسجيل مواقف واهية لا فائدة منها، وحتى فكرة مقاطعة البضائع الواردة من الدول المسيئة، فإنَّها لم تطبق مطلقاً، إلى أن فعل “شريف كواشي” وشركاؤه ما فعلوه.خلاصة الواقع أنَّ الغرب لم يعد يقيم وزناً لمليار ونصف المليار من المسلمين، بل صار يعرف أن هؤلاء لا يساوون شيئاً في ميزان العالم، رغم ضخامة عددهم، فقد باتوا حقاً كغثاء السيل، تتداعى عليهم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها.أين هم المسلمون؟!! .. أين من لو أرادوا خلع الجبال لخلعوها؟!! … أين من يعتصمون بحبل الله جميعاً؟!!… أين من ينصرون الله فينصرهم؟!! …. للأسف لم نعد نرى منهم إلَّا من رحم الله.ممَّا يحزُّ في النفس أكثر من ذلك أن نرى البعض من هؤلاء “المسلمين” تجحظ عيونهم وتتدلى شفاههم وهم ينظرون إلى ساقي “أنجيلينا جولي” وهي تحتضن طفلاً تبنته من لاجئي سورية في دول الجوار، وكأنَّهم اختصروا الإنسانية كلها في تلك الحادثة.ثم ترى بعضهم يطير إلى فرنسا ليشارك زعماء الكفر احتجاجهم على مقتل صحفيين نالوا جزاء ما رسمت أيديهم وكتبت أقلامهم من إساءات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، في حين ينسى كل هؤلاء، بل يتناسون مئات الألوف من السوريين الذين أعمل فيهم نظام الأسد آلته العسكرية دون رادع.تراهم في مسيرتهم الباريسية وكأنَّهم عادوا واختصروا كل إنسانية العالم بمشاركتهم بها، ولو قدرَّ الله لشاركهم بها المجرم بشار، دون اعتراض منهم أو حتى امتعاض.لقد كشفت أحداث صحيفة “شارلي إيبدو” زيف الإنسانية التي يتشدَّق العالم بالحديث عنها، وكشفت زيف الحرية وزيف الديموقراطية، وكشفت قذارة الحرب على الإسلام، والأهم من ذلك فقد كشفت المهزلة الكبرى التي يعيشها المسلمون في العالم، فهل من مزيد لتكشفه؟!!.