عبدالحميد حاج محمد |
في عام 2006 ومع احتكار النظام للمؤسسات والتجمعات المدنية وتقييد عملها وحريتها وتضييق عملها ضمن مجال ضيق، أنشأ شباب متطوعون في مدينة سراقب تجمعًا فنيًا تحت اسم “تجمع شباب سراقب” وقد تعرضوا لصعوبات كبيرة من قبل النظام آنذاك وصلت حد الاعتقال.
صحيفة حبر التقت مؤسس ومدير التجمع (أحمد خطاب) للحديث عن بداية التجمع يقول: “تم تشكيل التجمع عام 2006 وكان الهدف منه طرح المشاكل التي يمر فيها المجتمع بطريقة كوميدية ومعالجة مشاكله وقد تعرضنا لمشاكل كثيرة مع النظام وصلت إلى اعتقالنا في إحدى المرات.
قام التجمع بعرض أربع مسرحيات قبل الثورة السورية تجاوزت مدة المسرحية ساعة ونصف، حاكت هذه المسرحيات الواقع بطابع كوميدي وحاول التجمع إبراز المشاكل الموجودة في المجتمع مع حلولها.”
يضم التجمع نخبة من الشباب في كافة المجالات التي يحتاجها أي عمل فني من ممثل إلى مخرج وكاتب ومصور ومهندس الصوت والإضاءة، أي أن التجمع مكتفٍ ذاتيًا بكوادره ويتم الأعمال كلها بشكل تام.
وفيما يخص دعم التجمع يوضح خطاب: “التجمع تطوعي ولا نتقاضى أي أجور، وقد عملنا بعض المشاريع المدعومة بالنسبة إلى مسرح الأطفال، أما المسلسلات والمسرحيات الأخرى لم نتلقَ أي دعم عليها.”
وعن اختيار الموضوعات فهي نابعة من المجتمع في الشمال المحرر ومشاكله، بالمقابل واجه التجمع الكثير من المشاكل والتهجمات بسبب الموضوعات التي طرحها، إلا أنه بحسب ما وصف خطاب لم يتلقوا أي تهديد بشكل رسمي سوى على الفيسبوك بأسماء وهمية.
لم يقتصر عمل التجمع داخل مدينة سراقب وحسب، بل تنقَّل بين القرى والبلدات في كافة أرجاء المحرر، يقدم عروضًا مسرحية للأطفال للترفيه عنهم في ظل هذه الحرب لرسم الابتسامة على وجوههم المتعبة.
أما عن المسلسلات، فقد قدَّم التجمع عدة مسلسلات مصورة وتم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة وتم انتقاء موضوعاتها بعناية بحسب أحمد خطاب،
ويضيف: “قدمنا العديد من المسلسلات أهمها: (مسلسل كرمالك يا بلادي، ومسلسل وينك يا عين عمك) وآخرها مسلسل: (لعنة سرخيوس) الذي لاقى صدى وحبًا كبيراً بين أهل الشمال المحرر، أما عن المسرحيات منها حكاية ثورة ومنها مسرحية فرشنا وكل أعمالنا واقعية نوعًا ما بعيدًا عن الافتراضي.”
مسلسل لعنة سرخيوس لاقى شهرة ورواجًا بين أهالي المناطق المحررة كونه يناقش قضايا مهمة بالمجتمع بطريقة كوميدية خفيفة الظل، وأهم ما ناقش من قضايا هي قضية تسرب الأطفال من المدارس وزواج القاصرات وأمور الفساد في المناطق المحررة والعديد من الأمور الحاصلة في المجتمع.
(حسام أصلان) عضو في التجمع يقول لحبر: “التجمع بالنسبة إليَّ ولجميع الشباب المنضمين أكثر من مكان للعمل، هو عبارة عن بيتنا الثاني وكلنا أفراد في عائلة التجمع وهدفنا التركيز على الحياة المدنية وانتقاد الأشياء السلبية بالمجتمع من باب النقد البناء.”
وقد قدم التجمع عددًا من الأغاني وتم تصويرها ونشرها ولاقت صدى كبيرًا في مواقع التواصل ليس على مستوى المناطق المحررة وحسب بل على مستوى مناطق النظام، حيث تم نقاش أمور كثيرة منها سوء الأوضاع والفساد والتحكم بالشعب بطريقة بناءة تهدف إلى تطوير العمل المدني والعسكري معًا.
وعن عمل أصلان في التجمع يقول: “التمثيل وتقليد الشخصيات هواية عندي، وأجمل شيء عملناه هو الأعمال المسرحية؛ لأن دفة المسرح هي المكان الوحيد التي تُبين قوة الممثل وأيضاً أحب باقي الأنواع من مسلسلات أو عروض أطفال.”
يعمل التجمع كفريق واحد لإيصال جزء من الواقع الذي يعاني منه المواطن السوري الذي أنهكته الحرب والدول القمعية، ولم يتوانَ التجمع عن طرح القضايا السلبية في السلطة المدنية والعسكرية على حد سواء، ويختم أحمد خطاب بقوله: “أتمنى أن تنتصر الثورة التي قمنا بها بأهدافها الأولى وتعود سورية أحسن، وأظن ما نقدمه هو جزء بسيط جدًا لتحقيق حلم النصر.”
يتابع أعمال التجمع الكثير من أهالي الشمال المحرر؛ لأن أعمالهم بحسب البعض خارجة من القلب، وما خرج من القلب لا مكان له سوى القلب، هكذا يعمل السوريون ويكافحون ويحاربون للحصول على حريتهم وكرامتهم التي سُلبت منهم عقودًا طويلة.
أغنية سلة المعونة