فريق التحريرمن ماليزيا تلك الدولة الساحرة التي تجلس قرب البحر في جنوب شرق آسية، تنطلق رسائل ومواكب وقوافل يمدُّ فيها المسلم يده إلى أخيه المسلم، ويعكس صور التعاون والتراحم والتوادد، كيف لا يكون هذا الاجتماع والتآلف، والجسد جسد واحد، والهدف هدف واحد، والدماء التي تجري في العروق تشهد أنَّها واحدة.ليست هذه الكلمات عبارات شاعرية كتبها شاعر حالم يتهادى على أمواج خياله، إنَّما هي وقائع ملموسة معاينة صنعتها هذه المرة أيادٍ ماليزية بيضاء تربَّت على فعل الخيرات، ونشأت على ثقافة تقديم المساعدات ومدِّ يد العون، وإغاثة المحتاج وتضميد الجراح، فليس غريبًا أن نرى أولئك الشباب الماليزيين يقطعون المسافات الطويلة، يودعون أهليهم ويتركون أوطانهم، ليعيدوا صلة الأحفاد بالأجداد، وصلة الأخ بأخيه، ويزوروا أرض الشام التي عشقتهم من قديم فأرادوا اليوم أن يطبعوا على جبينها قبلة، وأن يقدِّموا لها وردة حمراء وحملة سمّوها (شريان الحياة الماليزي).إنَّ الرابطة التي جمعت بين التركي والعربي والماليزي والكردي جعلت الشباب الماليزي يشعر بمسؤوليته تجاه أمته ودينه وتاريخه وانتمائه وحضارته، فعندما رأى سورية تغرق في دمائها، وتستنجد بأشقائها وجيرانها وإخوانها، لم يستطع أن يصمَّ أذنه وأن يمنع عينيه من رؤية آثار الدماء في شوارع حلب ودمشق وحمص وإدلب وغيرها من المحافظات السورية، فعمل على تقديم العون لأكبر عدد ممكن من المحتاجين والمتضررين علَّهم يسدون ثغرة واحدة، ويؤمنون المتطلبات الأساسية التي تساعد الأشقاء على استمرار الحياة.شريان الحياة الماليزي حملة قامت بها عدة جمعيات ماليزية في نهاية عام 2012م مثل: ” مابيم” و”إكرام” و”كلوب بيس”، فتحركت بشكل إيجابي وفعال لإنقاذ الشعب السوري وتخفيف وطأة الألم والمعاناة وإنقاذه من أضرار الحرب، وقد ركزت الحملة على المساعدات الطبية والإغاثية والتعليمية، وممَّا يميز الحملة ويجعلها قريبة من الناس هؤلاء الشباب الذين خاطروا بأرواحهم وتجشموا عناء السفر، وتحملوا عبء إيصال المساعدات إلى إخوانهم ليكونوا أقرب إليهم ، وليشعروا بمأساتهم ويحسوا بمعاناتهم، وينقلوا أصوات المظلومين وأنين المكلومين إلى العالم كله.هؤلاء هم أبناء هذه الأمة التي جمعت الأسود والأبيض والعربي والأعجمي، إن أصابها مرض تداعى أبناؤها لنصرتها ومداواتها والسهر على راحتها، فعَن النُّعْمَان بْن بَشِيْر عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي َتَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوٌ مِنْهُ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ”.