تقرير : بيبرس الثورة.لم يكن الغرب في العصور المظلمة كما يتخيله البعض على أنَّه حضارة، بل كان عبارة عن فجوة سوداء في التاريخ الإنساني، حيث كثُر فيه الدمار وكثرت فيه الأمراض، ولم يكن هناك أي من الاختراعات، وحكمت الكنسية بسلطة الدين العليا فحرقت الكتب العلمية وقتلت العلماء بحجة الهرطقة والسحر، فقد كانت الكنيسة في ذلك الوقت تمتلك جميع الصلاحيات والسلطات التشريعية والتنفيذية والطبية أيضاً، ففي الكنيسة كان يعالج المريض بالجلد كي تخرج منه الروح الشريرة.وفي أمريكا -حين كانت بنادق الغزاة البيض تحصد السكان الأصليين من الهنود الحمر بالملايين استخدم هؤلاء حينها أحط الوسائل وأخس السبل للقضاء على الهنود كتسميم الآبار وحقنهم بفيروسات وجراثيم الأمراض، وقد كان البيض يشعلون النار في أكواخ الهنود ويتركون الأطفال والنساء لاتخاذهم عبيداً ولاغتصابهم، وفي عام 1865 كان القانون ينص على حق الأمريكي الأبيض بالحصول على مكافئة مجزية إذا قدَّم لأي مخفر بالولايات المتحدة فروة رأس هندي أحمر.وفي الذكرى العشرين لحرب الإبادة التي شنَّها الصرب النصارى على مسلمي البوسنة، لا بدَّ من أن نتذكر المجازر التي حدثت، فقد استشهد فيها نحو 300 ألف مسلم واغتصبت فيها 60 ألف امرأة وطفلة وهجر مليون ونصف وهدم أكثر من 800 مسجد ولم يبالِ الغرب.دخل الإسلام إلى أوربا فاتحاً للعقول قبل الحصون منذ 670، لكن لم يكن انتشاره واسعاً إلَّا بعد فتح الأندلس، وممَّا ساهم في انتشاره أيضاً فتوحات الخلافة العثمانية التي فتحت شبه جزيرة البلقان واعتنق عدد من سكانها الإسلام، وقد أسهم المسلمون بنشر الحضارة في العصر الذهبي للإسلام، وقدَّموا الكثير من أسس العلوم الحديثة التي قامت عليها الحضارة الغربية الحديثة، وكان لعلماء المسلمين الدور الأبرز في صناعة هذه الحضارة.ويعيش في دول الاتحاد الأوربي اليوم نحو 20 مليون مسلم، والنسبة الأكبر منهم تعيش في فرنسا، حيث يشكل المسلمون حوالي 8% وتليها ألمانيا بنسبة 6.5% ثم بلجيكا والسويد بنسبة 6% وتليها هولندا بنسبة 5.5% ثم بريطانيا بنسبة 4.8% وإيطاليا 4% لكن الإحصاء يبقى ناقصاً إذا لم يتم إلحاقه بإحصاءات موازية تتعلق بنسبة الهجمات التي نفذها مسلمون في أوربا، وقد أظهر إحصاء (لربول) أي وكالة “إنفاز” القانون في الاتحاد الأوربي أنَّ 2% فقط من الهجمات الإرهابية عام 2013 نفذها المسلمون و98% نفذها غير المسلمين على خلفية دوافع عرقية أو قومية أو انفصالية، وفي الولايات المتحدة الأمريكية أظهرت دراسة لجامعة (نورد كلورينا) عام 2014 أنَّه منذ هجمات 11 أيلول عام 2001 لم توقع العمليات الإرهابية المرتبطة بمسلمين إلَّا 37 قتيلاً أمريكياً، في حين أنَّ 190 ألف أمريكي قتلوا في الفترة الزمنية عينها، وهذا دليل على أنَّ معظم العمليات الإرهابية في أمريكا وأوربا ينفذها غير المسلمين، ووفقاً لمعهد (دي) فإن الأرشيف الألماني للإسلام، بلغ عدد المسلمين حوالي 53 مليون 5.2 % ويشمل الرقم كل من روسيا والقسم الأوربي لتركيا.لكن لماذا كل هذه الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين؟ هل كان المسلمون وحوشاً متخلفين أو جاءت الهجمة من حقد دفين؟! لا شكَّ أنَّ معظم الإعلام الغربي والأمريكي يملكه أو يتحكم به اللوبي الصهيوني الذي يمتلك معظم وسائل الإعلام، فتكون النظرة للإسلام والمسلمين عبره، ولا يخفى على أي أحد عداء اليهود الصهاينة للمسلمين، ويعمل هذا الإعلام المنحرف دائماً على إظهار الإسلام والمسلمين على أنَّهم متخلفين ومتوحشين، وقد ظهرت كلمة (الإسلام فوبيا) في الغرب والتي تعني الخوف من المسلمين بجهود هذا الإعلام المعادي.وأيضاً يجب علينا ألَّا ننسى جهود معظم حكام ومسؤولي الدول الإسلامية والعربية في تأييدهم لهذا الخوف، لا بل والعمل على تعظيمه وتضخيمه إعلامياً حتى أصبح وحشاً عظيماًله عينان مخيفتان ورسمت أظافره كالمخالب الحادة وأوهمونا بلون الدماء المصطنعة التي تقطر من أنيابه الورقية، وصنعوا له أيضاً قروناً ملفوفة تضاهي برج إيفل في فرنسا، وجعلوا له خواراً مخيفاً ناتجاً عن دخول الريح الغربية في دبره وخروجها من فيه، فأصبح تمثالاً عظيماً يرهب سكان المريخ قبل سكان الأرض.قال تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) والأمر المخيف في الحقيقة للعالم الغربي أنَّ الإسلام كنموذج حقق التوازن العجيب بين علاقة الإنسان بربه وعلاقته بالبشر من حوله، و كذلك علاقته بالبيئة التي يعيش فيها بكل ما تحتويه من كائنات وثروات، إنَّها حضارة يتحتم على العالم معرفتها وتطبيقها لا معاداتها، لكن بعد هذه النظرة للحقائق التي تدل على استهداف الإعلام الغربي والعربي للإسلام الحنيف، وجب علينا أن نحارب هذه الأفكار المسمومة والتحرك إعلاميا بقدر المستطاع لإعادة البوصلة نحو العدو القوي وهو وسائل الإعلام التي تحارب المسلمين ولا تترك مناسبة إلَّا وتستغلها لتشويه صورة الإسلام، وهذا الأمر يضعنا تحت مسؤولية دحض هذه الافتراءات وإظهار الصحيح بدون مبالغة أو انحياز