عبدالعزيز عباسي |
أول ما تقرأ اسم هذه الرواية يخطر على بالك أحد احتمالين الأول، سيرة ذاتية تتحدث عن الصحابي الجليل بلال الحبشي، والآخر، نسخة مترجمة لرواية شيفرة دافنشي للكاتب دان بروان، والواقع غير ذلك، فالرواية تتحدث عن طفل أمريكي من أصول مسلمة يُصاب بمرض السرطان في الدماغ.
الرواية من تأليف الكاتب العراقي (أحمد خيري العمري) رواية تأخذك إلى نيويورك حيث تدور أحداث قصة الطفل بلال الذي يُصاب بالسرطان في سن 12 بعد حصول والدته لاتيشيا من أصول إفريقية على عمل جديد في نيويورك، فاضطرت للانتقال إلى نيويورك من ولاية ميزوري موطن ولادة بلال خاصةً بعد أن هجرها زوجها سعيد مدمن الكحول والمخدرات بعد عدة شجارات حصلت بين الزوجين.
الغريب في القصة أن سعيدًا لقب بلال بهذا الاسم على اسم الصحابي بلال الحبشي، وهنا تبدأ حبكة القصة، إذ يواجه بلال في مدرسته الجديدة الكثير من المضايقات ويلقبه أحد الأطفال وهو جون بالمؤخرة السمينة، يشعر بلال بالوحدة والمرض والاكتئاب ويُصاب بالسرطان، لكنه يرى في النت إعلانًا لفيلم عن بلال الحبشي، لكنه يحزن لأن موعد عرض الفيلم في زمن يكون فيه بلال قد فارق الحياة.
يتعرف في الإنترنت على شخص اسمه أمجد حلواني، هو كاتب سيناريو فيلم بلال، ويطلب منه قراءة السيناريو قبل أن يموت، لكن أمجد يتفق هو وبلال على كتابة سيناريو خاص بينهما يكون هو السيناريو الأصلي.
تسوء حالة بلال الصحية لكنه ينجح في رؤية والده المسجون بمرافقة أمجد، وبعد عودته يصبح بلال عاجزًا عن المشي إلا بمساعدة عكاز خشبي حيث تضعف حاسة الرؤية عنده ويرى من كل شيء اثنين واحد حقيقي والآخر وهمي، فقد كان يقول لأمه: “أنا أرى منك صورتين ليت لو كان منك اثنان في الدنيا يا أمي” وحين ذهب إلى المدرسة في آخر أيام حياته وقد كان يتخيل في الطريق معركة بدر وكيف صاح بلال الحبشي بأمية بن خلف لا نجوت إن نجا، يتعثر بلال بخزانة في المدرسة ثم يحس من خلفه صوت جون غريمه التقليدي الخبيث ويلكمه بلال لكمة تسقط جون أرضًا رغم أنه لم يره بعينيه بل رآه بقلبه.
يُصاب بلال بجلطة رئوية يُنقل على إثرها إلى المشفى، لكن أمجد يتصل بالأم ليخبرها أن مدونة بلال الإلكترونية أصبحت مشهورة ولتتسابق البرامج التلفازية وشبكات التواصل الاجتماعي من أجل عمل لقاء معه قبل موته وتصوير آخر أيام حياته جيمس كوردون صاحب برنامج وحتى أوبرا.
أجمل ما في الرواية هي رسائل كتبها بلال إلى (لله، وأمه، وأمجد، وجيسيكا، وبلال الحبشي) يقول في رسالته إلى الله: “اليوم أعرفك على نحو أفضل كما لم أعرفك من قبل، أشعر أنني أقرب منك، أشعر أنك أقرب مني، ربما كنت دائمًا أنت في نفس القرب ولكني لم أشعر بذلك، هل يحدث هذا بسبب الاقتراب من الموت؟ كلنا منذ أن ولدنا نقترب من الموت، الاقتراب من الموت جعلني أفهم الحياة أكثر، لا يمكن أن تكون هذه الحياة إلا نتجت عن إله رائع مثلك، كنت أعتقد قبل أن أعرفك أنك لا تحبني، لكن هذا الطريق جعلني أقرب إليك، نعم الحياة مليئة بالآلام، لم يكن عليك أن تخلق العالم على نحو أفضل، لكنك جعلتنا، لقد خلقته هكذا لكي تعطينا الفرصة لكي نجعله أفضل، عزيزي الله: شكرًا لك على كل شيء، كنت أتمنى حياتي السابقة بتعديلات بسيطة، شكرًا لك لأني تعرفت عليك وعلى جيسيكا وأمي وأمجد حلواني.”
رواية بحق رائعة حزينة، لكنها جميلة استطاع بلال مشاهدة عرض تجريبي لفيلم بلال الحبشي الذي دار بينهما حديث وتناجي أرواح خفي، فالرواية تتحدث عن السرطان والعبودية والحب والتنمر والعنصرية والعلاقات الزوجية الفاشلة، حاولت الميديا تصوير آخر أيام مرض بلال، لكن أمه رفضت حيث رقد بسلام.